ويقول الكوهن أيضا : (لقد نال ما نال وتكلم على أسرار أهل الكمال ، فأبدى علوما غريبة ، وأسرارا عجيبة ، وأجمعت على ولايته أهل المغرب بأسرها ،) (١) وفى موضع آخر يقول : (.. أعطى ناطقة أسرار أهل الله ، وأدرك مقامات العارفين بربهم حتى عد قطب الزمان ، وأوحد الأوان ، وتكلم بما أبهر عقول الأعيان ..) (٢).
شيوخ ابن عجيبة في التصوف :
سلك ابن عجيبة الطريق الصوفي على يد رجلين :
الأول : الشيخ الدرقاوى (٣) : وهو (أبو المعالي العرب بن أحمد الحسنى) الشهير (بالدرقاوى) نسبة إلى جده محمد بن يوسف الملقب بأبى درقة ؛ (لدرقة كبيرة كانت له يتوقى بها فى الحروب). وصفه الكوهن (بقدوة أهل الكمال ومرشد السالكين إلى أعلى المقامات والأحوال ، الإمام الهمام) ، وحلّاه العسكري (بالعارف الأكبر ، والقطب الأشهر) وقال عنه صاحب السلوة : (كان من العارفين بالله ، الدالين بأقوالهم وأفعالهم وجميع أحوالهم على الله ، جامعا لمحاسن الشيم والأخلاق). وقال عنه الأزهرى : (وكان آية فى المعرفة بالله) ولد رضى الله عنه عام «١٥٥٠ ه» بقبيلة بنى زروال بشمال المغرب ، واشتغل بقراءة العلم بفأس ، ثم لقى الشيخ على الجمل وسلك على يديه.
أسس الطريقة الدرقاوية الشاذلية ، وتخرج على يديه عدد لا يحصى من الشيوخ ، أرباب التمكين والرسوخ ، قال الشيخ (ابن سودة المري) : ما توفى مولانا العربي ، حتى خلف نحوا من الأربعين ألف تلميذ ، كلهم متأهلون للدلالة على الله سبحانه). توفى رحمهالله فى صفر الخير من عام ١٢٣٩ ه وله من المؤلفات :
ـ الرسالة ، وتسمى (بشور الهدية فى مذهب الصوفية) قال عنها ابن إدريس الكتاني : (رسائله نفعنا الله به من أنفع الرسائل للمريد ، وأدلها على كيفية السلوك والتجريد ، لا يستغنى عن مطالعتها سالك).
ـ جواهر القرطاس. ـ مناقب الشيخ على الجمل.
الثاني : الشيخ البوزيدى (٤) : هو «محمد بن الحبيب أحمد البوزيدي الحسنى» من قبيلة غمارة ، بشمال المغرب ، والتي ينتسب إليها أيضا. أبو الحسن الشاذلى ، التقى بالدرقاوى ، ولازمه مدة ست عشرة سنة ، ويعد البوزيدى أقرب أتباع الدرقاوى إليه. كان رضى الله عنه أميا لا يكتب ولا يقرأ ، ومع ذلك أعطاه الله ما لا يخطر بالبال من العلوم والأسرار ، وله كتاب «الآداب المرضية فى طريق الصوفية» ، يقول الكوهن عن كتابه هذا «من يطلع عليه
__________________
(١ ، ٢) الحسن الكوهن ، طبقات الشاذلية / ٢٤٠.
(٣) انظر : فى ترجمته (مخطوط سلوة الأنفاس ١ / ١٧٢ اليواقيت الثمينة / ٢٥٤ مخطوط ، أصحاب الدرقاوى ص ٦١ ، طبقات الشاذلية / ٢٠٣ ، الطريقة الشاذلية وأعلامها / ١٢٩).
(٤) انظر فى ترجمته : طبقات الشاذلية للكوهن / ٢٤٠ ، مخطوط أصحاب الدرقاوى / ١٢٥ ، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي ١ / ٤٨.