الظالمات ، ويتمنعن وهن الراغبات ، ويحلفن وهن الكاذبات ، فاستعيذوا بالله من شرارهن ، وكونوا على وجل من خيارهن ، والسلام. ه. (١)
(وَالْبَنِينَ) : قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إنهم لثمرة القلوب ، وقرّة الأعين ، وإنهم مع ذلك لمجبنة مبخلة محزنة». (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) : أي : المجموعة المنضدة ، (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) أي : المعلمة : وهى البلق ، أو غيرها ، وفى الحديث عنه صلىاللهعليهوسلم : «الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، الأجر والمغنم». وعن أنس قال : (لم يكن شىء أحب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بعد النساء ، من الخيل). وعن أبى وهب الجشمي قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ارتبطوا الخيل ، وامسحوا بنواصيها ، وقلّدوها ، ولا تقلدوها الأوتار ، وعليكم بكل كميت (٢) أغر محجّل ، أو أشقر أغر محجل ، أو أدهم أغر محجّل». وعن خباب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الخيل ثلاثة : فرس للرحمن ، وفرس للإنسان ، وفرس للشيطان ، فأما فرس الرحمن فما اتخذ لله فى سبيل الله ، وقوتل عليه أعداء الله ، وأما فرس الإنسان فما استطرق عليه ـ أي : ركب عليه فى طريق حوائجه ، وأما فرس الشيطان فما روهن عليه ، وقومر عليه». وفى البخاري ما يشهد لهذا.
ومما زين للناس أيضا : حب (الْأَنْعامِ) ، وهى الإبل والبقر والغنم ، إن شغلته عن ذكر الله ، ومنع منها حق الله ، (وَالْحَرْثِ) أي : الزراعة والغراسة ، (ذلِكَ) الذي ذكرت (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) الفانية الزائلة ، (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، أي : المرجع فى دار البقاء التي لا يفنى نعيمها ، ولا تنقطع حياتها إلى أبد الأبد.
الإشارة : كل ما يقطع القلب عن الشهود ، أو يفتّره عن السير إلى الملك المعبود ، فهو شهوة ، كائنا ما كان ، أغيارا أو أنوارا ، أو علوما أو أحوالا ، أو غير ذلك ، فالنساء الأغيار ، والبنون الأنوار ، والقناطير المقنطرة من الذهب علوم الطريقة ، والفضة علوم الشريعة ، والخيل المسومة هى الأحوال ، والأنعام الأذكار ، والحرث استعمال الفكرة. فكل من وقف مع حلاوة شىء من هذا ، ولم يفض إلى راحة الشهود والعيان ، فهى فى حقه شهوة.
وبعد أن ذكر الحق تعالى أنواعا من الشهوات ، زهّد فيها فقال : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) قال أبو هاشم الزاهد رضي الله عنه : وسم الله الدنيا بالوحشة ؛ ليكون أنس المريد بربه دونها ، وليقبل المطيعون بالإعراض عنها ، وأهل المعرفة بالله من الدنيا مستوحشون ، وإلى الله مشتاقون. ه.
__________________
(١) هذا الكلام مشكوك فى نسبته لسيدنا «على» كرم الله وجهه. ومن يستطلع تاريخ السلف الصالح يقف على أمثلة كثيرة وعديدة لنساء صالحات تفوقن على كثير من الرجال فى الصلاح.
(٢) الكميت : مالونه بين السواد والحمرة.