ما أحله لأحد من الأمم قبلكم ، (وَمَقْتاً) أي : ممقوتا فاعله عند الله وعند ذوى المروءات من عباد الله ، وكان يسمى ولد الرجل من امرأة أبيه مقيتا ومقتيّا. (وَساءَ سَبِيلاً) ، وبئس طريقا لمن يريد أن يسلكه بعد التحريم. فالمراد بالنكاح فى الآية : العقد ، فعلى هذا لا تحرم المرأة على الولد إذا زنا بها أبوه على المشهور ، قال فى الرسالة : ولا يحرم بالزنا حلال. ه.
الإشارة : ما جرى فى آباء البشرية يجرى فى آباء الروحانية من طريق الأدب لا من طريق الشرع ، فلا ينبغى للمريد أن يتزوج بامرأة شيخه ، مات عنها أو طلقها ، فإن ذلك قبيح ومقت عند أرباب الأدب ، وأما بنت الشيخ فإن قدر على القيام بتعظيمها فلا بأس ، وقد تزوج سيدنا على ـ كرم الله وجهه ـ بنت سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لكن السلامة فى الترك أكثر.
وهنا إشارة أخرى أرق ، وهى أن يشير بالنساء إلى الأحوال ، فلا ينبغى للفقير أن يتعاطى أحوال الشيخ ، ويفعل مثله. فإن الشيخ فى مقام وهو فى مقام ، فإذا رجع الشيخ إلى الأسباب وتعاطى العلويات ، فلا يقتدى به. إلا أن يدرك مقامه ، وكان شيخ شيخنا يقول : (لا تقتدوا بالأشياخ فى أفعالهم ، وإنما اقتدوا بهم فى أقوالهم ، فإن أقوالهم لكم ولهم ، وأفعالهم خاصة بهم). إلا ما قد سلف لهم من الأحوال فى حال سيرهم ، فخذوها وسيروا من حيث ساروا ، حتى تدركوا ما أدركوا ، وافعلوا ما شئتم. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر بقية المحرمات ، فقال :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٣) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ...)
قلت : «كتاب الله عليكم» : مصدر مؤكد. أي : كتب الله ذلك كتابا ، أو على الإغراء.