وقيل نزلت فى صلاة الخوف حين همّ المشركون أن يغيروا على المسلمين فى الصلاة. فالله تعالى أعلم.
ثم قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) فلا تشهدوا معه سواه ، وتوكلوا عليه يكفكم أمر عدوكم ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فإنه يكفيكم أمرهم جلبا ودفعا ، من توكل على الله كفاه.
الإشارة : ما جرى على النبي صلىاللهعليهوسلم من قصد القتل والإذاية يجرى على خواص ورثته ، وهم الأولياء ـ رضى الله عنهم ـ والعلماء الأتقياء ، فقد همّ قوم بقتلهم وسجنهم وضربهم ، وإجلائهم من أوطانهم ، فكف الله أيديهم عنهم ، وكفاهم شرهم ، لمّا صححوا التوكل عليه ، وأخلصوا الوجهة إليه ، ومنهم من لحقه شىء من ذلك ، كما لحق بعض الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ زيادة فى شرفهم وكرامتهم ، جمع الله لهم بين مقام الشهادة والصديقية ، (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
ثم ذكر وبال من نقض العهد ترهيبا وترغيبا ، فقال :
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣))
قلت : النقيب : هو كبير القوم والمقدّم عليهم ، ينقب عن أحوالهم ويفتش عليها. والخائنة : إما مصدر ؛ كالعاقبة واللاغية ، أو اسم فاعل ، والتاء للمبالغة ، مثل : راوية ونسّابة وعلّامة.
يقول الحق جل جلاله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) على أن يجاهدوا مع موسى ـ عليهالسلام ـ وينصروه ، ويلتزموا أحكام التوراة ، (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) اخترناهم وقدمناهم ، على كل سبط نقيبا ينقب عن أحوال قومه ، ويقوم بأمرهم ، ويتكفل بهم فيما أمروا به.
روى أن بنى إسرائيل لمّا خرجوا عن فرعون ، واستقروا بأوائل الشام ، أمرهم الله تعالى بالمسير إلى بيت المقدس ، وهى فى الأرض المقدسة ، وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيون ، وقال : إنى كتبتها لكم دارا وقرارا ، فاخرجوا إليها ، وجاهدوا من فيها من العدو ، فإنى ناصركم. وقال لموسى عليهالسلام : خذ من قومك اثنى عشر نقيبا ، من كل