فتحصل بتطهيرها من سائر العيوب ، كالكبر والعجب ، والرياء ، والسمعة ، والحقد والحسد ، وحب الجاه والمال ، وما يتفرع عن ذلك من العداوة والبغضاء ، وترك الثقة بمجىء الرزق ، وخوف سقوط المنزلة ، من قلوب الخلق ، والشح والبخل ، وطول الأمل ، والأشر والبطر ، والغل والمباهاة ، والتصنع والمداهنة ، والقسوة والفظاظة والغلظة ، والغفلة والجفاء ، والطيش ، والعجلة ، والحمية ، وضيق الصدر ، وقلة الرحمة. إلى غير ذلك من أنواع الرذائل.
فإذا تطهر القلب من هذه العيوب اتصف بأضدادها من الكمالات : كالتواضع لله ، والخشوع بين يديه ، والتعظيم لأمره ، والحفظ لحدوده ، والتذلل لربوبيته ، والإخلاص فى عبوديته ، والرضى بقضائه ، ورؤية المنة له فى منعه وعطائه. ويتصف فيما بين خلقه بالرأفة والرحمة ، واللين والرفق ، وسعة الصدر والحلم ، والاحتمال والصيانة ، والنزاهة والأمانة ، والثقة والتأنى ، والوقار ، والسخاء والجود ، والحياء ، والبشاشة والنصيحة. إلى غير ذلك من الكمالات.
وأما استقامة الأرواح والأسرار ، فتحصل بعدم الوقوف مع شىء سوى الله تعالى ، وعدم الالتفات إلى غيره حالا كان أو مقاما أو كرامة ، أو غير ذلك : كما قال الششترى رضى الله عنه :
فلا تلتفت فى السّير غيرا ، وكلّ ما |
|
سوى الله غير ، فاتخذ ذكره حصنا |
وكلّ مقام لا تقم فيه إنّه |
|
حجاب ، فجدّ السّير واستنجد العونا |
ومهما ترى كلّ المراتب تجتلى |
|
عليك فحل عنها ، فعن مثلها حلنا |
وقل : ليس لى فى غير ذاتك مطلب |
|
فلا صورة تجلى ولا طرفة تجنا |
وقوله تعالى : (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) : هو نهى عن صحبة الغافلين والميل إليهم. قال بعض الصوفية : قلت لبعض الأبدال : كيف الطريق إلى التحقيق ، والوصول إلى الحق؟ قال : لا تنظر إلى الخلق ؛ فإن النظر إليهم ظلمة ، قلت : لا بد لى ، قال : لا تسمع كلامهم ؛ فإن كلامهم قسوة ، قلت : لا بد لى ، قال : لا تعاملهم ؛ لأن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة ، قلت : أنا بين أظهرهم لا بد لى من معاملتهم؟ قال : لا تسكن إليهم ؛ فإن السكون إليهم هلكة. قلت : هذا لعله يكون؟ قال : يا هذا ؛ أتنظر إلى اللاعبين ، وتسمع كلام الجاهلين ، وتعامل البطالين ، وتسكن إلى الهلكى ، وتريد أن تجد حلاوة الطاعة ، وقلبك مع غير الله عزوجل!! هيهات! هذا ما لا يكون أبدا. ه. ونقل الورتجبي عن جعفر الصادق : ولا تركنوا إلى نفوسكم فإنها ظلمة. ه.