نظم الحكم ، ووضعوا قاعدة ترمى إلى تصفية زعماء المسلمين الأقوياء للتخلص من كل معارض قوى لهم. وقد سجل لهم التاريخ في هذا الصدد ما يندى له الجبين من الاغتيالات الفاجرة.
٣ ـ تغلغلوا داخل الشعوب وأسسوا ما نسميه الآن (الطابور الخامس) لتغذية الثورات وإشعالها ونشر الفوضى في البلدان الإسلامية.
٤ ـ أقاموا تنظيماتهم على كوادر وخلايا في منتهى الدقة ، ولا تفترق كثيرا عن أقوى التنظيمات الإرهابية في العصر الحديث.
٥ ـ اعتمدوا على جهاز للدعوة يضارع أكثر الأجهزة الإيديولوجية الشمولية الحديثة تقدما ؛ ويقوم هذا الجهاز بضم الأنصار ، وإجراء عمليات غسيل المخ الثقافية لخلع العصمة على تصرفات الباطنية ولإثبات فساد النظم القائمة ، ويتولى داعى الدعاة [وزير الإعلام والدعوة] هذه المهام. ويقررون أن داعى الدعاة يستمد العصمة من الإمام لأنه تلقى الدعوة عنه.
واشتدت شوكتهم في عهد داعيتهم (أحمد بن عبد الملك بن عطّاش ت ٥٠٠ ه) الذى تخرج على يديه أكبر زعيم للباطنية من بعده وهو (الحسن بن الصباح (١) ٤٢٨ ـ ٥١٨ ه) الذى اتخذ من قلعة (الموت) شمال العراق قاعدة له. وقد توطدت أقدام الباطنية في فارس وخراسان وكرمان كما تغلغلوا في أحشاء المدن والقرى وأنشئوا مراكز وثوب يثبون منها على ما جاورهم من البلاد وزودوها بالأسلحة والعتاد مما جعلها في غاية المنعة والحصانة. هذا ولم تقو شوكتهم في بلد إسلامى إلا وعمه الخراب وساده الفساد واختل فيه الأمن وانتشرت فيه الفوضى ، وكثرت فيه الاغتيالات بقصد إرهاب كل من تحدثه نفسه بمقاومتهم ، يرومون من وراء ذلك التخلص من رءوس الأمة الذين لا تصلح الأمة إلا بوجودهم ، فإذا ما تخلصوا منهم لم يجسر أحد على مناوأتهم أو الوقوف في مواجهتهم ، وكانت أشد ضربة من ضربات التصفية التى وجهوها للعالم الإسلامى في ذلك الوقت : هى اغتيالهم سنة ٤٨٥ ه لأقوى شخصية حاكمة وقتئذ ألا وهو (نظام الملك) وهو من الحكام الذين خلّد التاريخ حكمهم بحروف من نور.
وتدخلوا في العدالة ومارسوا الضغط على القضاة باغتيال أشهرهم حتى يطلق القضاة سراح مجرميهم ولا يتجاسروا على الحكم عليهم ، ومارسوا نفس الضغوط على الأئمة حتى
__________________
(١) هو مؤسس الفرقة النزارية ويطلق الأوربيون على أتباعه المغتالون Assassinsو قد يطلقون هذا الاسم على جميع فرق الإسماعيلية ، وقد خصهم المستشرق برجشتال بمؤلف عنوان (Hist oiredesassassins) أو «تاريخ الحشاشين» وقد يكون الاسم الأوربى محرفا عن الاسم الذى أطلقه العرب عليهم وهو (الحشاشون).