عزوجل ، وتمسك بالهدى القرآنى.
وكل تفسير يحوى من العلوم بحسب ما أوتيه صاحبه من الفتح فى فهم معانى القرآن حسب قابليته أو استعداده ، وطالما كان عطاء القرآن لا يتناهى بطلت دعوى كل مكابر يصرح بأن تأويله للقرآن هو القمة التى ليس وراءها مرمى ، وهو ادعاء مرفوض لقيامه على مصادرتين : دعوى الإحاطة بكلام الله تعالى ، ودعوى تحجير فضله عزوجل والافتراء بالإخبار بذلك.
ومن دلائل الإعجاز أنه لا سبيل للمجرمين أو الزائغين للعقل عن القرآن الكريم ويلحق بهؤلاء من اتبع هواه أو بدّل وغيّر فى دين الله تعالى ابتغاء تأويله.
وكم من خائض فى علوم التفسير وهو لا يجنى من ذلك سوى الزيغ والضلال لعدم طهارة سريرته ، وسوء نيته. ومرجع الأمر كله فيما يتصل بالكتاب العزيز إلى الراسخين فى العلم الذين لا يبتغون فيما علموه من محكمه ومتشابهه إلا وجه الله تعالى (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).
٨ ـ الحث على الترقى والرسوخ فى العلم :
الإسلام شامل لجميع العلوم والمعارف التى تربط الإنسان بالخالق وهذه الرابطة هى أساس كل كمال إنسانى ، وما انحطت الأمة إلا حين تهاونت فى ربط العلوم والمعارف بالله تعالى ، فاتجهت إلى ربط شئونها بغير الله تعالى.
وتوجه آية سورة آل عمران القلوب والنفوس إلى العلم الذى لا تستقيم أحوال الأمة إلا به ، كما تهدى إلى اتباع منهاج الراسخين فى العلم ، ويؤخذ من الآية أن العلم بالمحكم والمتشابه يسد أبواب الفتن ، كما أن تحرى المتشابه ابتغاء الفتنة هو سبيل كل زائغ مريض القلب.
٩ ـ باب الفهم فى كتاب الله تعالى مغلق أمام من أوّله ابتغاء الفتنة :
إن الذين فى قلوبهم زيغ يقصدون المتشابه بغية هدم الدين بزعمهم تناقضه ، أو بغية تأييد مذهب رأوه وتمسكوا به وخرجوا به عن الإجماع بل عن الإسلام.
والابتغاء : الافتعال وتكلف البغى وهو شدة الطلب. وقد تضمنت الآية ابتغاءين وهما : ابتغاء الفتنة ، وابتغاء تأويله ، فالتأويل لم يقصد به هنا وجه الحق بل قصد مخترعو هذا الإفك تطويع آى الذكر الحكيم حسب مرادهم ليوافق ما عندهم من زيغ وضلال ، هؤلاء قد حكّموا الأوضاع التى تحكمهم فى كلام الله عزوجل ، فبدلا من أن يتخذوا القرآن إماما ، أصبح عندهم مأموما ، وبدلا من أن يكون متبوعا أصبح عندهم تابعا. هؤلاء الذين تعلقوا بتأويل المتشابه لم يكن تعلقهم حبا فى بيان أو إيضاح ، ولا حبا فى الهداية ، بل حبا فى