فى تعيين التأويل بعد إقامة الدليل القاطع على أن حمل اللفظ على ظاهره محال.
وعن الإمام محمد بن الحسن : اتفق الفقهاء كلهم على الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه. وقال ابن الصلاح : على هذه الطريقة مضى صدر الأمة وساداتها ، وإياها اختار أئمة الفقهاء وقادتها ، وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامهم.
وذهبت طائفة من أهل السنة إلى تأويل الآيات المتشابهات الواردة فى الصفات بما يليق بجلال الله عزوجل مع تفويض العلم بحقيقتها ، والمراد منها إلى الله تعالى.
آية سورة آل عمران لا يحتج بها فى حظر تأويل المتشابه :
بينت آية سورة آل عمران موقف أهل الزيغ من كتاب الله تعالى ويدخل تحت هذا المسمى : أهل الشرك والكفار والمنافقون والملاحدة ومن على شاكلتهم ، فهؤلاء يقصدون من تأويل المتشابه ، تسخير التنزيل لخدمة مذاهبهم أو أغراضهم الدنيوية كائنة ما كانت.
ومن المحال أن يتساوى الراسخون فى العلم مع أهل الزيغ فى الحكم.
والآية تعطى أن الراسخين لهم نصيب فى العلم بمحكمه ومتشابهه للأمور الآتية :
* أن تفويض العلم بمحكم التنزيل ومتشابهه إلى الله تعالى مطلوب من كل مؤمن ولا فضل فى ذلك للراسخين على غيرهم. وهذا خلاف ما دلت عليه الآية من مدح للراسخين وهو أنهم قد وهبهم الحق تبارك وتعالى الفقه فى كتابه الكريم فكان علمهم بمحكمه ومتشابهه موافقا للكتاب والسنة ، وهم مع رسوخهم فى العلم يفوضون إلى الله تعالى العلم بكلامه عزوجل.
* أن عدم تعيين الآيات المتشابهات فيه إباحة للتأويل الموافق للكتاب والسنة إذ لا تكليف إلا بأمر معين.
* لو كان الراسخون لا يعلمون شيئا من متشابهه ، فكيف يستطيعون رده إلى محكم.
* ليس فى الآية حظر على من أوتى نصيبا فى فهم ما تشابه منه أن يبينه ، وأن يعلن على العالمين ما فيه من أسرار ودلائل إعجاز.
* لو اتجه الأمر إلى حظر النظر فى تأويل ما تشابه منه مطلقا لما كانت هناك حاجة إلى تخصيص أهل الزيغ بالذكر ، ولوصف كل ناظر فى متشابهه بالزيغ وهذا ما لا تعطيه الآية مطلقا ، بل هو مخالف لنصبها. ولم تلتفت الفاصلة إليه.
* لو كان تفويض العلم بتأويله إلى الله تعالى معناه النهى عن تأويله لكان تأويل المحكم داخل فى ذلك النهى أيضا ، وهذا يتعارض مع النصّ.