* إن الإيمان بأن حقيقة تأويل القرآن لا يعلمها إلا الله تعالى لا يعنى حظر تأويل متشابهه بقصد بيان ما فيه من أسرار ودلائل إعجاز.
قال ابن قتيبة فى (تأويل مشكل القرآن) :
«ولسنا ممن يزعم أن المتشابه فى القرآن لا يعلمه الراسخون فى العلم. وهذا غلط من متأوليه على اللغة والمعنى ـ ولم ينزل الله شيئا من القرآن إلا لينفع به عباده ويدل به على معنى أراده».
والواقع أن المفسرين لم يتوقفوا عن تفسير آية من آيات الذكر الحكيم حتى فسر بعضهم الحروف المقطعة أوائل السور.
* * *
ثانيا : التصنيف فى (المتشابه) قبل الكرمانى وفى عصره
متشابه القرآن الذى صنّف فيه الأئمة نوعان :
ـ المتشابه اللفظى ويطلق عليه فى علوم القرآن (علم الآيات المتشابهات) أو (علم المتشابه). وهو من علوم التفسير.
ـ علم المحكم والمتشابه ، ويقصد بالمتشابه هنا آيات الصفات والأفعال وموضع الإفاضة فى هذا العلم هو (علم الكلام).
وجميع الأئمة الذين صنّفوا فى المتشابه قبل الكرمانى وبعده راعوا هذا التقسيم وهو الذى سار عليه فيما بعد المصنفون فى علوم القرآن :
فخصص الزركشى فى كتابه (البرهان) (١) النوع الخامس من علوم القرآن العظيم ل (علم المتشابه). وأفرد للمحكم والمتشابه نوعا مستقلا من علوم القرآن ، وخصّص الإمام السيوطى فى (الإتقان) (٢) النوع الثالث والستين ل (الآيات المتشابهات). وفى كتابه (معترك الأقران) (٣) عنوان للوجه السادس من وجوه الإعجاز بعنوان (مشتبهات آياته).
وخصص فى (الإتقان) (٤) النوع الثالث والأربعين من علوم القرآن (للمحكم والمتشابه) وفى (معترك الأقران) (٥) جعل عنوان الوجه التاسع من وجوه الإعجاز (انقسامه إلى محكم ومتشابه).
__________________
(١) الزركشى : البرهان فى علوم القرآن ١ / ١١٢.
(٢) الإمام السيوطى : الإتقان ٢ / ١١٤.
(٣) الإمام السيوطى : معترك الأقران ١ / ٨٥.
(٤) الإمام السيوطى : الإتقان ٢ / ٢.
(٥) الإمام السيوطى : معترك الأقران ١ / ١٣٦.