فلا تحزن يا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على القوم (الْكافِرِينَ) ـ ٦٨ ـ يعنى أهل الكتاب إذ كذبوك بما تقول. قوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى الذين صدقوا (وَالَّذِينَ هادُوا) يعنى اليهود (وَالصَّابِئُونَ) هم قوم من النصارى صبأوا إلى دين نوح وفارقوا هذه الفرق الثلاث وزعموا أنهم على دين نوح ـ عليهالسلام ـ وأخطأوا لأن دين نوح ـ عليهالسلام ـ كان على دين الإسلام (١).
(وَالنَّصارى) إنما سموا نصارى لأنهم ابتدعوا هذا الدين بقرية تسمى ناصرة ، قال الله ـ عزوجل ـ : (مَنْ آمَنَ) من هؤلاء (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) وأدى الفرائض من قبل أن يبعث محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فله الجنة ومن بقي منهم إلى أن يبعث محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلا إيمان له إلا أن يصدق بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فمن صدق بالله ـ عزوجل ـ أنه واحد لا شريك له وبما جاء به محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من العذاب
__________________
(١) الصابئة قوم من أصحاب الديانات القديمة غلب عليهم الحياء والكتمان وقد تعرفت بعدد منهم فى العراق ، ورأيت فيهم حبا للتأله والتدين ، وقد انقرضت هذه الطائفة تدريجيا ، وقد اختلف العلماء والمؤرخون فى حقيقة أمرهم :
ففريق ردهم إلى ديانة بابل وآشور ، وهي من أقدم الديانات الوثنية لأن أساسها عبادة النجوم. وفريق آخر قال إنهم فرقة من المجوس والنصارى. والحق أنهم ليسوا من المسيحية فى شيء ، لأن المسيحي من آمن بألوهية السيد المسيح والصابئى لا يؤمن بذلك. وهم قوم يؤلهون الكواكب ويعبدون النجوم.
قال الإمام فخر الدين الرازي : «الصابئة قوم يقولون إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة فهم عبدة النجوم». أما الزمخشري فقد ذهب فى تفسيره الكشاف إلى أنهم قوم عدلوا عن دين النصارى واليهود وعبدوا الملائكة.