الحفيظ (وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ١١٧ ـ يعنى شاهدا بما أمرتهم من التوحيد وشهيد عليهم بما قالوا من البهتان وإنما قال الله ـ عزوجل ـ (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) ولم يقل «وإذ يقول يا عيسى ابن مريم» لأنه قال ـ سبحانه ـ قبل ذكر عيسى يوم يجمع الله الرسل فيقول : ماذا أجبتم؟ قالوا : يومئذ ـ وهو يوم القيامة ـ حين يفرغ من مخاصمة الرسل ، «فينادى» (١) أين عيسى ابن مريم فيقوم عيسى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شفق فرق يرعد رعدة حتى يقف بين يدي الله ـ عزوجل ـ يا عيسى ، (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ).
وكما قال ـ سبحانه ـ : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢) فلما دخلوا الجنة قال : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ) (٣) فنسق بالماضي على الماضي والمعنى مستقبل ولو لم يذكر الجنة قبل بدئهم بالكلام الأول لقال فى الكلام الأول وينادى (أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) (٤). وكل شيء فى القرآن على
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) سورة الأعراف : ٤٣ (... وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وتمامها : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
(٣) من سورة الأعراف : ٥٠ ، وتمامها : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ).
(٤) سورة الأعراف : ٤٤ ، وتمامها : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).