هذا النحو (١).
ثم قال عيسى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لربه ـ عزوجل ـ فى الآخرة يا رب غبت عنهم وتركتهم على الحق الذي أمرتنى به فلم أدر ما أحدثوا بعدي ف (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) فتميتهم على ما قالوا من البهتان والكفر (فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) وأنت خلقتهم (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) فتتوب عليهم وتهديهم إلى الإيمان والمغفرة بعد الهداية إلى الإيمان (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ١١٨ ـ فى ملكك ، الحكيم فى أمرك وفى قراءة ابن مسعود «فإنك أنت الغفور الرحيم» نظيرها فى سورة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فى مخاطبة إبراهيم (وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) وهي كذلك أيضا فى قراءة عبد الله بن مسعود ، (قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) يعنى النبيين بما قالوا فى الدنيا ، فكان عيسى صادقا فيما قال لربه فى الآخرة «ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به» فصدقه الله بقوله فى الدنيا ، وصدقه فى الآخرة
__________________
(١) فجميع النداء كان بالماضي : فى آية ٤٤ من سورة الأعراف ، وما بعدها لأن آية (٤٣) ذكرت دخول المؤمنين الجنة بقولها : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فتحدثت الآيات التالية عن نداء أهل الجنة لأهل النار ونداء أهل النار لأهل الجنة بصيغة الماضي : ولو لم يذكر دخولهم الجنة قبل بدئهم بالكلام الأول لقال : (وَنَادَى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) فى الآية (٤٤) سورة الأعراف ، ولقال : (وينادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ). فى الآية (٥٠) الأعراف فمن شأن القرآن أن ينسق بالماضي مع الماضي والمعنى مستقبل كما ذكر هنا فى سورة المائدة. فالرسل لما سئلوا فى الآية (١٠٩) المائدة أجابوا بالماضي : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا) فكلمة قالوا فعل ماض. وفى الآية (١١٦) المائدة قال ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) وكلمة قال فعل ماض فنسق بالماضي مع الماضي والمعنى مستقبل أى معناه سيقول الله.
وانظر البرهان للزركشى المجلد الثالث ، الالتفات : الحديث عن الماضي بالمستقبل وعكسه.
(٢) سورة إبراهيم : ٣٦.