الله ـ سبحانه ـ : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ـ ٣٠ ـ إن فى علمي أنكم سكان السماء ويكون آدم وذريته سكان الأرض ويكون منهم من يسبح بحمدي ويعبدني فخلق آدم ـ عليهالسلام ـ من طين أحمر وأبيض من السبخة والعذبة فمن ثم نسله أبيض وأحمر وأسود مؤمن وكافر ، فحسد إبليس تلك الصورة فقال للملائكة الذين هم معه أرأيتم هذا الذي لم تروا شيئا من الخلق على خلقته إن فضل [٨ ب] على ماذا تصنعون؟ قالوا : نسمع ونطيع لأمر الله ، وأسر عدو الله إبليس فى نفسه لئن فضل آدم عليه لا يطيعه وليستفزنه. فترك آدم طينا أربعين سنة مصورا فجعل إبليس يدخل من دبره ويخرج من فيه ، ويقول أنا نار وهذا طين أجوف والنار تغلب الطين (١) ولأغلبنه فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) يعنى قوله يومئذ لأغلبنه وقوله لأحتنكن يعنى لأحتوين على ذريته إلا قليلا. فقال للروح : ادخلى هذا الجسد. فقالت : أى رب أين تدخلني هذا الجسد المظلم؟ فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : أدخليه كرها فدخلته كرها وهي لا تخرج منه إلا كرها ثم نفخ فيه الروح من قبل رأسه ، فترددت الروح فيه حتى بلغت نصف جسده موضع السرة فجعل للقعود فذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (٣) فجعلت الروح تتردد فيه حتى بلغت أصابع الرجلين ، فأرادت أن تخرج منها فلم تجد منفذا ، فرجعت إلى الرأس فخرجت من المنخرين ، فعطس عند ذلك لخروجها من منخريه فقال : الحمد لله.
__________________
(١) هذا الأثر أورده بطوله ابن كثير ج ١ : ٧٥ رواية عن ابن جرير بدأه بقوله : وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر بن عمارة عن أبى روق عن الضحاك عن ابن عباس قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان اسمه الحارث وكان خازنا من خزان الجنة وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي .. إلخ.
(٢) سورة سبأ : ٢٠
(٣) سورة الإسراء : ١١ ـ والأثر كله فى ابن كثير ج ١ : ٧٥ ولكن الآية وردت فى تفسير ابن كثير هكذا وخلق (الْإِنْسانُ عَجُولاً) وهو خطأ فليصحح.