مقدمة الناشر
لا يخفى على من وجّه عنايته الى درس تاريخ العلوم الاسلامية واراد الاطلاع على آثار المؤلّفين فيها بدور الكتب فى الشرق والغرب انه كلما كان الكتاب اقدم عهدا كانت نسخه اعزّ وجودا واقلّ عددا وذلك لعدّة اسباب منها استيلاء الفناء عليها بتقادم العهد وجريان حكم الزمان عليها بالمحو والافساد ومنها ضياعها وتلفها عند استيلاء الاعداء على البلاد وجنايتهم على الكتب بالاحراق والاغراق ومنها اعتداء بعض اهل المذاهب على كتب مخالفيه ومنها ان المعلّمين والمدرّسين الذين كان جلّ همّهم ان يضبطوا قواعد كل علم باقصر لفظ عمدوا الى تهذيب مؤلّفات من سبقهم وتنسيق المباحث وترتيبها ووصل كل بحث بما يجانسه وضمّ كل فرع الى اصله واختصروها ايثارا للايضاح والتقريب وتسهيلا للتعليم والتعلّم فآثر المحصّلون كتبهم على الكتب القديمة من اجل ذلك فصارت المؤلّفات السابقة كأنها منسوخة باللاحقة فتُركت واهملت ونسيت حتى تصرّف الدهر بنسخها تصرّفه ومن هذا القبيل كتب الشيخ ابى الحسن على بن إسماعيل الاشعرى مع شهرته وعظم مكانته فى تاريخ علم الكلام اذ كان هو مؤسّس كلام اهل السّنة واوّل من استعمل طريقة المتكلمين من البحث والمناظرة والاستدلال العقلى لنصر مذهب اهل الحديث