فلم يهاجروا إلى المدينة فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر خرج هؤلاء النفر معهم فلما عاينوا قلة المؤمنين شكوا فى دينهم وارتابوا فقالوا : (غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) يعنون أصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول الله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يعنى المؤمنين ، يعنى يثق به فى النصر (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) يعنى منيع فى ملكه (حَكِيمٌ) ـ ٤٩ ـ فى أمره حكم النصر فلما قتل هؤلاء النفر من المشركين ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) بتوحيد الله (الْمَلائِكَةُ) يعنى ملك الموت وحده (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) فى الدنيا ، ثم انقطع الكلام فلما كان يوم القيامة دخلوا النار ، تقول لهم خزنة جهنم (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) ـ ٥٠ ـ (ذلِكَ) العذاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) من الكفر والتكذيب (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٥١ ـ يقول ليس يعذبهم على غير ذنب ثم نعتهم فقال : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) يقول كأشباه آل فرعون فى التكذيب والجحود (وَ) كأشباه (الَّذِينَ «مِنْ قَبْلِهِمْ») (١) أى من قبل فرعون وقومه من الأمم الخالية قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وإبراهيم ، وقوم شعيب ، (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) يعنى بعذاب الله بأنه ليس بنازل بهم فى الدنيا (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) يعنى فأهلكهم الله (بِذُنُوبِهِمْ) يعنى بالكفر والتكذيب (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) فى أمره حين عذبهم (شَدِيدُ الْعِقابِ) ـ ٥٢ ـ إذا عاقب (ذلِكَ) العذاب (بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ) على أهل مكة أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، ثم بعث فيهم محمدا رسوله [١٤٧ ب] ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فهذه النعمة التي غيروها فلم يعرفوا ربها فغير الله ما بهم من النعم
__________________
(١) فى أ : «من قبل» ، وفى حاشية أ : الآية «قبلهم».