(وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ) رجل (يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ـ ٦٦ ـ فى النصر لهم على عدوهم فأمر الله أن يقاتل الرجل المسلم وحده رجلين من المشركين فمن أسره المشركون بعد التخفيف فإنه لا يفادى من بيت المال إذا كان المشركون مثل المؤمنين ، وإن كان المشركون أكثر من الضعف فإنه يفادى من بيت المال. فينبغي للمسلمين أن يقاتلوا الضعف من المشركين إلى أن تقوم الساعة (١) ، وكانت المنزلة قبل التخفيف ، لا يفتدى الأسير إلا على نحو ذلك.
(ما كانَ لِنَبِيٍ) من قبلك يا محمد (أَنْ يَكُونَ) (٢) (لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ) عدوه (فِي الْأَرْضِ) ويظهر عليهم (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) يعنى المال وهو الفداء من المشركين نزلت بعد قتال بدر (وَاللهُ يُرِيدُ) لكم (الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ) يعنى منيع فى ملكه (حَكِيمٌ) ـ ٦٧ ـ فى أمره وذلك [١٤٨ ب]
__________________
(١) أرى أن هذا يكون عند المساواة فى السلاح أو تقارب المساواة عند الفئتين أما إذا كان سلاح العدو أقوى من سلاح المسلمين فلا يجب على المسلمين أن يقاتلوا الضعف ، هذا لأن الشريعة معقولة المعنى ، ـ ولأن فحوى الآية وجوب قتال الضعف عند تعادل الأسلحة أو قربها من التعادل ، قارن بتفسير المنار : ١٠ / ٨٩ ط ٢ مطبعة دار المنار ، حيث يقول : «والآية تدل على أن من شأن المؤمنين أن يكونوا أعلم من الكافرين وأفقه بكل علم وفن يتعلق بحياة البشر وارتقاء الأمم وإن حرمان الكفار من هذا العلم ـ علم الحقائق المتعلقة بالحرب من مادية وروحية ـ هو السبب فى كون المائة منهم دون العشرة من المؤمنين الصابرين.
وهكذا كان المسلمون فى قرونهم الأولى والوسطى يعملون بهداية دينهم على تفاوت علمائهم وحكامهم فى ذلك حتى إذا ما فسدوا ـ بترك هذه الهداية التي سعدوا بها فى دنياهم فكانوا أصحاب ملك واسع وسيادة عظيمة دانث لهم بها الشعوب الكثيرة ـ زال ذلك المجد والسؤدد ، ونزع منهم أكثر ذلك الملك ، وما بقي منه فهو على شفا جرف هار.
(٢) فى أ : تكون.