قال : قل له لا يكتمنا من أخبارهم شيئا ، ثم نقره الثانية وأصغى إليه يسمعه. فلما سكن قال : أيها الملك ، إنهم أخبروك أن لهم أخا مفقودا ولن تنصرم الأيام والليالي حتى يأتى ذلك الغلام فيتبين الناس أخبارهم.
قال : مره ألا يكتمنا من أخبارهم شيئا ، قال : فطن الثالثة فلما سكن قال : أيها الملك (١) إنه ما دخل على أبيهم غم ولا هم ولا حزن إلا بسببهم وجرائرهم ، قال : أوعز (٢) إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شيئا.
قال : فنظر بعضهم إلى بعض وخافوا أن يظهر عليهم ما كتموه من أمر يوسف ـ عليهالسلام ـ فقاموا إليه بجمعهم يقبلون رأسه وعينيه ويقولون : بالذي أشبهك بالنبيين وفضلك على العالمين ألا أقلت العثرة وسترت العورة وحفظتنا فى أبينا يعقوب فرق لهم ، وقال : لو لا حفاظى لكم فى أبيكم لنكلت بكم ولألحقتكم بالسراق واللصوص اعزبوا عنى فلا حاجة لي فيكم.
قال : فلما قدموا على أبيهم أخبروه بأخبارهم ، قال فردهم بالبضاعة المزجاة (٣) وكتب معهم كتابا إليه فيه بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإنى ما سرقت ولا ولدت سارقا ولكنا أهل بيت البلاء موكل بنا ، أما جدي فألقى فى النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما.
__________________
(١) من : ل. وفى أ : إن.
(٢) من : ا. وفى ل : أوح.
(٣) قال فى الجلالين : بضاعة مزجاة : مدفوعة يدفعها كل من رآها لرداءتها ، وكانت دراهم زيوفا أو غيرها.