مكان وما هو بميت. ومن ورائه (عَذابٌ غَلِيظٌ) ـ ١٧ ـ يعنى شديد لا يفتر عنهم (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) يعنى بتوحيد ربهم مثل (أَعْمالُهُمْ) الخبيثة فى غير إيمان (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) فى يوم [١٩٣ أ] شديد الريح فلم ير منه شيء فكذلك أعمال الكفار (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) يقول لا يقدرون على ثواب شيء مما عملوا فى الدنيا ولا تنفعهم أعمالهم لأنها لم تكن فى إيمان. ثم قال : (ذلِكَ) الكفر (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) ـ ١٨ ـ يعنى الطويل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) لم يخلقهما باطلا لغير شيء ولكن خلقهما لأمر هو كائن ، ثم قال ـ سبحانه ـ لكفار هذه الأمة : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) بالهلاك إن عصيتموه (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) ـ ١٩ ـ يعنى بخلق غيركم أمثل وأطوع لله منكم (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) ـ ٢٠ ـ يقول هذا على الله هين يسير (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) نظيرها فى الملائكة (١) ، ثم قال ـ سبحانه ـ : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) يقول وخرجوا من قبورهم إلى الله جميعا يعنى بالجميع أنه لم يغادر منهم أحد إلا بعث بعد موته (فَقالَ الضُّعَفاءُ) وهم الأتباع من كفار بنى آدم (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) يعنى للذين تكبروا عن الإيمان بالله ـ عزوجل ـ وهو التوحيد وهم الكبراء فى الشرف والغنى القادة (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) لدينكم فى الدنيا (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) معشر الكبراء (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) باتباعنا إياكم (قالُوا) يعنى قالت الكبراء للضعفاء : (لَوْ هَدانَا اللهُ) لدينه (لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا) ذلك أن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا نجزع
__________________
(١) سورة فاطر الآيات : ١٥ ، ١٦ ، ١٧ وهي : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ، وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ).