له : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول : لا أدرى. فيقولان له : لا دريت ولا تليت. ثم يقولان : اللهم إن عبدك قد أسخطك فأسخط عليه ، فيضربانه بتلك المرزبة ضربة ينهشم كل عضو فى جسده ، ويلتهب قبره نارا ، ويصيح صيحة يسمعها كل شيء غير الثقلين ، فيلعنونه ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : «ويلعنهم اللاعنون» (١) حتى إن شاة القصاب والشفرة على حلقها لا يهمها ما بها ، فتقول : لعن الله هذا ، كان يحبس عنا الرزق بسببه ، هذا لمن يضله الله ـ عزوجل ـ عن التوحيد. فذلك قوله : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) يعنى المشركين حيث لا يوفق لهم ذلك حين يسأل فى قبره من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) ـ ٢٧ ـ فيهما فمشيئته أن يثيب المؤمنين ويضل الكافرين (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) هذه مدنية إلى آخر الآيتين وبقية السورة مكية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) وهم بنو أمية ، وبنو المغيرة المخزومي ، وكانت النعمة أن الله أطعمهم من جوع (٢) ، وآمنهم من خوف ، يعنى القتل والسبي ، ثم بعث فيهم رسولا يدعوهم إلى معرفة رب هذه النعمة ـ عزوجل ـ ، فكفروا بهذه النعمة ، وبدّلوها ، ثم قال الله ـ عزوجل ـ : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) ـ ٢٨ ـ يعنى دار الهلاك بلغة عمان ، فأهلكوا قومهم ببدر ، ثم يصيرون بعد القتل إلى جهنم يوم القيامة ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) ـ ٢٩ ـ يعنى وبئس المستقر ، ثم ذكر كفار قريش فقال ـ تعالى ـ : (وَجَعَلُوا)
__________________
(١) سورة البقرة : ١٥٩.
(٢) من جوع : من ل ، وليست فى أ.