وذلك أن أهل السموات من الملائكة لم يكونوا سمعوا صوت الوحى ما بين زمن عيسى ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكان بينهما قريب من ستمائة عام ، فلما نزل الوحى على محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سمعوا صوت الوحى كوقع الحديد على الصفا ، فخروا سجدا مخافة القيامة ، إذ هبط جبريل على أهل كل سماء فأخبرهم أنه الوحى ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : «حتى إذا فزع عن قلوبهم» تجلى الفزع عن قلوبهم قاموا من السجود (قالُوا) فتسأل الملائكة بعضها بعضا (ما ذا قالَ) جبريل عن (رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ) يعنى الوحى (وَهُوَ الْعَلِيُ) الرفيع (الْكَبِيرُ) ـ ٢٣ ـ العظيم فلا أعظم منه (قُلْ) لكفار مكة الذين يعبدون الملائكة (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ) يعنى المطر (وَالْأَرْضِ) يعنى النبات فردوا فى سورة يونس قالوا : «... الله ...» (١) يرزقنا إضمار قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (قُلِ اللهُ) يرزقكم ، ثم انقطع الكلام ، وأما قوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٢٤ ـ قال كفار مكة للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : تعالوا ننظر فى [٩٩ ب] معايشنا من أفضل دنيا نحن أم أنتم يا أصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إنكم لعلى ضلالة ، ـ فرد عليهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما نحن وأنتم على أمر واحد إن أحد الفريقين لعلى هدى ، يعنى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نفسه وأصحابه أو فى ضلال مبين يعنى كفار مكة الألف ها هنا صلة ، مثل قوله
__________________
(١) يشير إلى الآية ٣١ من سورة يونس وهي :
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ).