دعاه أهل الكتاب إلى دينهم ، ثم قال : (وَقُلْ) لأهل الكتاب : (آمَنْتُ) يقول صدقت (بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) يعنى القرآن والتوراة والإنجيل والزبور (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) بين أهل الكتاب فى القول ، يقول أعدل بما آتاني الله فى كتابه والعدل أنه دعاهم الى دينه ، قوله : (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) يقول لنا ديننا الذي نحن عليه ولكم دينكم الذي أنتم عليه (لا حُجَّةَ) يقول لا خصومة (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) فى الدين يعنى أهل الكتاب ، نسختها آية القتال فى براءة (١).
(اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) فى الآخرة فيجازينا بأعمالنا ويجازيكم (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ـ ١٥ ـ (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ) يعنى يخاصمون (فِي اللهِ) فهم اليهود قدموا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بمكة ، فقالوا للمسلمين : ديننا أفضل من دينكم ، ونبينا أفضل من نبيكم ، يقول : (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) يعنى لله فى الإيمان (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) يقول خصومتهم باطلة حين زعموا أن دينهم أفضل من دين الإسلام (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) من الله (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) ـ ١٦ ـ (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) يقول لم ينزله باطلا لغير شيء (وَالْمِيزانَ) يعنى العدل (وَما يُدْرِيكَ) يا محمد (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ـ ١٧ ـ وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ذكر الساعة وعنده أبو فاطمة ابن البختري ، وفرقد بن ثمامة ، وصفوان بن أمية ، فقالوا للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : متى تكون الساعة؟ تكذيبها بها. فقال الله ـ تعالى ـ : «وَما يُدْرِيكَ
__________________
(١) يشير إلى الآية الخامسة من سورة التوبة وهي : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).