فقال أبو البختري بن هشام ـ من بنى أسد بن عبد العزى ـ : أما أنا فأرى أن تأخذوا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتجعلوه فى بيت وتسدوا عليه بابه ، «وتجعلوا» (١) له كوة لطعامه وشرابه حتى يموت.
فقال إبليس : بئس الرأى رأيتم تعمدون إلى رجل له فيكم صغو ، قد سمع به من حولكم ، تحبسونه فى بيت ، وتطعمونه وتسقونه ، فيوشك الصغو الذي له فيكم أن يقاتلكم عنه ويفسد جماعتكم ويسفك دماءكم. قالوا : صدق والله الشيخ.
فقال هشام بن عمرو ـ من بنى عامر بن لوى ـ : أما أنا فأرى أن تحملوه على بعير ، فتخرجوه من أرضكم ، فيذهب حيث شاء ويليه غيركم.
فقال إبليس : بئس الرأى ، رأيتم تعمدون إلى رجل قد أفسد عليكم جماعتكم ، وتبعه طائفة منكم فتخرجونه إلى غيركم فيفسدهم كما أفسدكم ، فيوشك بالله أن يميل بهم عليكم. فقال أبو جهل : صدق والله الشيخ.
فقال أبو جهل بن هشام : أما أنا فأرى أن تعمدوا إلى كل بطن من قريش فتأخذون من كل بطن منهم رجلا ، فتعطون كل رجل منهم سيفا فيضربونه جميعا فلا يدرى قومه من يأخذون به ، وتؤدى قريش ديته ، فقال إبليس : صدق والله الشاب. إن الأمر لكما.
قال : فتفرقوا عن قول أبى جهل فنزل جبريل ـ عليهالسلام ـ فأخبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «بما ائتمروا به» (٢) وأمره بالخروج فخرج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ليلته إلى الغار. وأنزل الله ـ تعالى ـ فى شرهم
__________________
(١) فى أ : «وتجعلون».
(٢) فى أ : «بما ائتمروا به القوم».