عليهما المواثيق ، أإن أعطيتكما الكتاب لا تقتلاني ، ولا تسبيانى ، ولا تردانى إلى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ولتخليان سبيلي فأعطياها المواثيق ، فاستخرجت الصحيفة من ذؤابتها «ودفعتها» (١) فخليا سبيلها «وأقبلا» (٢) بالصحيفة فوضعاها فى يدي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «فقرأها» (٣). فأرسل إلى حاطب بن أبى بلتعة ، فقال له : أتعرف هذا الكتاب؟ قال : نعم. قال : فما حملك على أن تنذر بنا عدونا؟ قال حاطب اعف عنى عفا الله عنك ، فو الذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ أسلمت «ولا كذبتك» (٤) منذ صدقتك ، ولا أبغضتك منذ أحببتك ، ولا واليتهم منذ عاديتهم ، وقد علمت أن كتابي لا ينفعهم ولا يضرك فأعذرني ، جعلني الله فداك فإنه ليس من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع ماله وعشيرته غيرى وكنت حليفا ولست من أنفس القوم ، وكان حلفائى قد هاجروا كلهم ، وكنت كثير المال والضيعة بمكة فخفت المشركين [١٩٣ أ] على مالي فكتبت إليهم لأتوسل إليهم بها وأتخذها عندهم مودة لأدفع عن مالي ، وقد علمت أن الله منزل بهم خزيه ونقمته وليس كتابي يغنى عنهم شيئا ، فعرف رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قد صدق فيما قال ، فأنزل الله ـ تعالى ـ عظة للمؤمنين أن يعودوا لمثل صنيع حاطب بن أبى بلتعة ، فقال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ)
__________________
(١) فى أ : «ودفعته».
(٢) فى أ : «فأقبلا».
(٣) فى أ : «فقرأه» ، ومعنى قرأه أى قرأ الكتاب أو الصحيفة وقد تكون القراءة على سبيل المجاز يعنى أمر بقرامتها أو قرئت له ، فكأنه قرأها ، لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان أميا قال ـ تعالى ـ : «وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك» سورة.
(٤) فى أ : ولا كفرت ، ف : ولا كذبتك.