الوليد شق ذلك على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما لم يشق عليه فيما قذف بغيره من الكذب فأنزل الله ـ تعالى ـ على نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يعزيه ليصبر على تكذيبهم ، فقال : يا محمد «كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحرا أو مجنون» (١) وأنزل فى الوليد بن المغيرة (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) يقول خل بيني يا محمد وبين من خلقت وحيدا يقول حين لم يكن له مال ولا بنون ، يعنى خل بيني وبينه ، فأنا أتفرد بهلاكه ، وأما الوليد ، يعنى خلقته وحده ليس له شيء ، يقول ـ عزوجل ـ فأعطيته المال والولد ، فذلك قوله : (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) ـ ١٢ ـ يعنى بالمال بستانه الذي له بالطائف ، والممدود الذي لا يتقطع خيره شتاء ولا صيفا ، كقوله : «وظل ممدود» (٢) يعنى لا ينقطع (وَبَنِينَ شُهُوداً) ـ ١٣ ـ يعنى حضورا لا يغيبون أبدا عنه فى تجارة ولا غيرها لكثرة أموالهم بمكة وكلهم رجال منهم الوليد بن الوليد ، وخالد بن الوليد ، ـ وهو سيف الله أسلم بعد ذلك ـ وعمارة بن الوليد ، وهشام بن الوليد» والعاص بن الوليد ، وقيس بن الوليد ، وعبد شمس بن الوليد ، ثم قال : (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) ـ ١٤ ـ يقول بسطت له فى المال والولد والخير بسطا (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) ـ ١٥ ـ يقول ثم يرجو أن أزيده فى ماله وولده (كَلَّا) لا أزيده بل أقطع ذلك عنه وأهلكه ، ثم منعه الله المال فلم يعطه شيئا حتى افتقر وسأل الناس فأهلكه الله ـ تعالى ـ ومات فقيرا ، «فى المستهزئين (٣)» ، ثم نعت عمله الخبيث فقال :
__________________
(١) سورة الذاريات : ٥٢ ، وقد وردت بالأصل : «وما أرسلنا قبلك (مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ»).
(٢) سورة الواقعة : ٣٠.
(٣) «فى المستهزئين» : كذا فى أ ، ف.