بالليل ، وكان قيام الليل فريضة على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتهجد به نافلة لك ، ثم رجع إلى قوله ـ عزوجل ـ الأول : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً ، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) فقال : (إِنَّ هؤُلاءِ) الذين يأمرونك بالكفر (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) يعنى الدنيا ، لا يهمهم شيء إلا أمر الدنيا الذهب والفضة «والبناء (١)» والثياب والدواب (وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ) يعنى أمامهم وكل شيء فى القرآن وراءهم يعنى أمامهم ، (يَوْماً ثَقِيلاً) ـ ٢٧ ـ لأنها تثقل على الكافرين إذا حشروا وإذا وقفوا وإذا حاسبوهم ، وإذا جازوا الصراط فهي مقدار ثلاثمائة سنة وأربعين سنة فأما المؤمن فإنه ييسر الله خروجه [٢٢٣ أ] من قبره وإذا حشره وإذا حاسبه ، وإذا جاز الصراط ، فذلك قوله : «يومئذ يوم عسير ، على الكافرين غير يسير» (٢) وأما قوله : (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ) فى بطون أمهاتهم وهم نطفة (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) حين صاروا شبانا يعنى أسرة الشباب وما خلق الله شيئا أحسن من الشباب ، منور الوجه أسود الشعر واللحية قوى البدن ، قال : (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ) ذلك السواد والنور بالبياض والضعف (تَبْدِيلاً) ـ ٢٨ ـ من السواد حتى لا يبقى شيء منه إلا البياض فعلم الله ـ عزوجل ـ فقال : (إِنَّ هذِهِ) (٣) إن هذا السواد والحسن والقبح (تَذْكِرَةٌ) يعنى عبرة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) ـ ٢٩ ـ يعنى فمن شاء اتخذ فى هذه التذكرة فيعتبر فيشكر الله ويوحده ، ويتخذ طريقا إلى الجنة ،
__________________
(١) فى أ : «والبنا».
(٢) سورة المدثر : ٩ ، ١٠.
(٣) فى أ : «إن هذا».