ربه ويقول رب كما ألفت بين هذه النار وهذا الثلج ، تذيب «هذه (١)» النار هذا الثلج ، ولا يطفئ هذا الثلج هذه النار. فكذلك ألف بين عبادك المؤمنين ، فاختصه الله ـ تعالى ـ من بين الخلق من عظمه ، فقال : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) ثم انقطع الكلام ، فقال : (وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ) من الخوف أربعين عاما ، (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) بالكلام (وَقالَ صَواباً) ـ ٣٨ ـ يعنى شهادة ألا إله إلا الله ، فذلك الصواب (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ) لأن العرب قالوا إن القيامة باطل ، فذلك قوله : («الْيَوْمُ الْحَقُّ» فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) ـ ٣٩ ـ يعنى منزلة يعنى الأعمال الصالحة ، ثم خوفهم أيضا العذاب فى الدنيا فقال : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) يعنى فى الدنيا القتل ببدر ، وهلاك الأمم الخالية ، وإنما قال قريبا لأنها أقرب من الآخرة ، ثم رجع إلى القول الأول حين قال : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) فقال : (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) يعنى الإنسان الخاطئ يرى عمله أسود مثل الجبل (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) ـ ٤٠ ـ وذلك أن الله ـ عزوجل ـ «يجمع الوحوش والسباع (٢)» يوم القيامة فيقتص لبعضهم من بعض حقوقهم ، حتى ليأخذ للجماعة من القرناء بحقها ثم يقول لهم كونوا ترابا ، فيتمنى للكافر «لو كان خنزيرا فى الدنيا (٣)» ثم صار «ترابا (٤)» ، كما كانت الوحوش والسباع ثم صارت ترابا.
__________________
(١) فى أ : «هذا».
(٢) من ف ، وفى أ : «الوحش من السباع».
(٣) فى أ : «لو كان يومئذ ترابا فى الدنيا» ، وفى ف : «لو كان خنزيرا فى الدنيا».
(٤) فى أ : «منزلها» ، وفى ف : «ترابا».