قدم (١) قال : ما يحدثكم محمد؟ قالوا : حدثنا عن القرون الأولى. قال : وأنا أحدثكم بمثل ما يحدثكم به محمد أيضا. فأنزل الله ـ عزوجل ـ وفيه («وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) (٢) ...» ، فذلك قوله : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ، ثم وعدهم فقال : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) ـ ١٤ ـ يقول طبعنا على قلوبهم ، «فهم لا يبصرون إلى مساوتهم (٣)» «فيقلعون (٤)» عنها ، ثم أوعدهم فقال : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) ـ ١٥ ـ لأن أهل الجنة يرونه عيانا لا يحجبهم عنه ، ويكلمهم ، وأما الكافر فإنه يقام خلف الحجاب «فلا يكلمهم (٥)» الله ـ تعالى ـ ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم حتى يأمر بهم إلى النار (ثُمَّ إِنَّهُمْ) يعنى إذا حجبوا عن ربهم (لَصالُوا الْجَحِيمِ) ـ ١٦ ـ (ثُمَّ يُقالُ) لهم (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ـ ١٧ ـ وذلك أن أهل النار «يقول (٦)» لهم مالك خازن النار هذه : («... النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (٧)» ، «أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ، اصلوها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون» (٨) ، فذلك قوله : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ، ثم أوعدهم فقال : (كَلَّا) ثم انقطع الكلام ، ثم رجع إلى قوله فى :
__________________
(١) كذا فى أ ، ف : والمعنى «فلما قدم من الحيرة إلى مكة».
(٢) سورة لقمان : ٦.
(٣) كذا فى أ ، ف ، وكان الأنسب : «فهم لا يبصرون مساوئهم».
(٤) فى أ : «فيقطعون» ، وفى ف : «فيقلعون».
(٥) كذا فى أ ، ف : والأنسب : «فلا يكلمه». لأن الحديث عن المفرد ، ولكنه ضمن الكافر معنى الجنس فأرجع ضمير الجمع عليه.
(٦) فى أ : «قال».
(٧) سورة سبأ : ٤٢.
(٨) سورة الطور : ١٥ ـ ١٦.