(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) يوم الحديبية (فَتْحاً مُبِيناً) ـ ١ ـ وذلك أن الله ـ تعالى ـ أنزل بمكة على نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (... وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ...) (١) ففرح كفار مكة بذلك ، وقالوا : واللات والعزى ما أمره وأمرنا عند إلهه الذي يعبده إلا واحد ولو لا أنه ابتدع هذا الأمر من تلقاء نفسه لكان ربه الذي بعثه يخبره بما يفعل به وبمن اتبعه كما فعل بسليمان بن داود ، وبعيسى بن مريم والحواريين ، وكيف أخبرهم بمصيرهم؟ فأما محمد فلا علم له بما يفعل به ولا بنا إن هذا لهو الضلال كل الضلال ، فشق على المسلمين نزول هذه الآية فقال أبو بكر وعمر ـ رضى الله عنهما ـ للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ألا تخبرنا ما الله فاعل بك؟ فقال : ما أحدث الله إلى أمر بعد. فلما قدم المدينة ، قال عبد الله بن أبى رأس المنافقين : كيف تتبعون رجلا لا يدرى ما يفعل الله به ، ولا بمن اتبعه؟ وضحكوا من المؤمنين وعلم الله ما فى قلوب المؤمنين من الحزن وعلم فرح المشركين من أهل مكة ، وفرح المنافقين من أهل المدينة ، فأنزل الله ـ تعالى ـ بالمدينة بعد ما رجع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الحديبية (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) يعنى قضينا لك (فَتْحاً مُبِيناً) يعنى قضاء بينا ، يعنى الإسلام.
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٩.
وفى النسخ خطأ فى النص وصوابه : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) بينما الثابت فى الأصل «قل ما أدرى ما يفعل بى ولا بكم».