(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) ـ ١ ـ (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) ـ ٢ ـ أقسم الله ـ عزوجل بالليل إذا غشى ظلمته ضوء النهار ، والنهار إذا تجلى عن ظلمة الليل ، فقال : (إِنَّ سَعْيَكُمْ) إن أعمالكم «لشتى» (١) يا أهل مكة ، قوله : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ـ ٣ ـ يعنى آدم وحواء وما هاهنا صلة ، فأقسم الله ـ عزوجل ـ بنفسه وبهؤلاء الآيات فقال : «والذي خلق الذكر والأنثى» نظيرها فى «والشمس وضحاها (٢)» (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) ـ ٤ ـ يا أهل مكة ، يقول إن أعمالكم مختلفة فى الخير والشر (٣) ، ثم قال : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) المال فى حق الله ـ عزوجل ـ (وَاتَّقى) ـ ٥ ـ نزلت هذه الآية فى أبى بكر الصديق ـ رحمة الله عليه ـ وذلك أنه مر على أبى سفيان ، وهو صخر ابن حرب ، وإذا هو يعذب بلالا على إسلامه ، وقد وضع حجرا على صدره فهو يعذبه عذابا شديدا ، فقال له أبو بكر الصديق ـ رحمة الله عليه ـ : أتعذب عبدا على معرفة ربه؟ قال أبو سفيان : أما والله ، إنه لم يفسد هذا العبد الأسود غيركم ، أنت وصاحبك ، يعنى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. قال له أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ : هل لك أن أشتريه منك؟ قال : نعم. قال أبو بكر : والله ما أجد لهذا العبد ثمنا. قال له صخر بن حرب : والله إن جبلا من شعر أحب
__________________
(١) سورة الليل : ٤.
(٢) سورة الشمس ١ ، ويشير إلى قوله : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) : ٧.
(٣) فى أزيادة : «لشتى».
تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٤٦