فأما الأولى فينادى من تحت العرش من فوق السماء السابعة ، وأما الأخرى فمن بيت المقدس ، «يقعد إسرافيل على صخرة بيت المقدس (١)» فيقول : أيتها العظام البالية ، والعروق المتقطعة ، واللحوم المتمزقة اخرجوا إلى فصل القضاء ، لتجازوا بأعمالكم ، قال : فيخرجون من قبورهم إلى الأرض الجديدة ، وتسمى الساهرة ، فذلك قوله ـ تعالى ـ : «فإذا هم بالساهرة» (٢) ، وأيضا (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) أخرجت ما فيها من الموتى والأموال.
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) (٣) ـ ٣ ـ قال الكافر جزعا ما لها تنطق بما عمل عليها ، (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) ـ ٤ ـ يقول تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر ، تقول الأرض وحد الله على ظهري ، وصلى على ، وصام ، وحج ، واعتمر ، وجاهد ، وأطاع ربه ، فيفرح المؤمن. بذلك وتقول للكافر أشرك على ظهري ، وزنى ، وسرق ، وشرب الخمر ، وفعل ، وفعل ، فتوبخه فى وجهه ، وتشهد عليه أيضا الجوارح ، والحفظة من الملائكة ، مع علم الله ـ عزوجل ـ فيه ، وذلك اخزى العظيم ، فلما سمع الإنسان المكذب عمله قال جزعا : (ما لَها) يعنى للأرض تحدث بما عمل عليها ، فذلك قوله : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) فى التقديم ، يقول له : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) يقول تشهد على أهلها بما عملوا عليها من خير أو شر ، فلما سمع الكافر «يومئذ». قال : ما لها تنطق؟ قال الملك الذي كان موكلا به فى الدنيا يكتب حسناته وسيئاته ، قال : هذا
__________________
(١) «يقعد إسرائيل على صخرة بيت المقدس» : من ف ، وليست فى أ.
(٢) سورة النازعات : ١٤.
(٣) فى أ ، ف ، ل ، ذكرت الآية (٣) فى غير موضعها ولم يذكر تفسيرها ، وقد تصديته من كلام فى سياق تفسير الآية (٤)