بالشيء القليل ، وكانوا لا يرون بالذنب الصغير بأسا ، فزهدهم الله ـ عزوجل ـ فى الذنب الحقير ، ورغبهم فى الصدقة «القليلة (١)» ، فقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) فى كتابه والذرة أصغر النمل وهي النملة الصغيرة ، وأيضا فمن يعمل فى الدنيا مثقال ذرة ـ قدر نملة شرا يره يوم القيامة فى كتابه ، نزلت فى رجلين بالمدينة ، كان أحدهما إذا أتاه السائل «يستقل (٢)» أن يعطيه الكسرة أو التمرة ، ويقول ما هذا بشيء إنما نؤجر على «ما نعطى ونحن نحبه (٣)».
وقد قال الله ـ عزوجل ـ : «ويطعمون الطعام على حبه ...» (٤) فيقول ليس هذا مما يحب ، فيستقل ذلك ويرى أنه لا يؤجر عليه ، فيرد المسكين صفرا ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير : الكذبة ، والنظرة ، والغيبة ، وأشباه ذلك ، ويقول ليس على من فعل هذا شيء إنما وعد الله النار أهل الكبائر. فأنزل الله ـ عزوجل ـ يرغبهم فى القليل من الخير أن يعطوه لله فإنه يوشك أن «يكثر ويحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر (٥)» فالذنب الصغير فى عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال الرواسي ، ولجميع محاسنه التي عملها فى دار الدنيا أصغر فى عينه من حسنة واحدة.
__________________
(١) فى أ : «القليل» ، وفى ف : «القليلة».
(٢) فى أ : «فيستقل».
(٣) فى أ : «على ما نظر ونخرجه» ، وفى ف : «على ما نعطى ونحن نحبه».
(٤) سورة الإنسان : ٨.
(٥) من «يكثر» إلى «يكثر» : ساقط من أ ، وهو من ف.