أمّا تعبير «يَوْمِ الدّينِ» فحيثما ورد في القرآن فهو يعني يوم القيامة ، وتكرر ذلك في أكثر من عشرة مواضع من كتاب الله العزيز ، وفي الآيات (١٧ إلى ١٩) من سورة الإنفطار ورد هذا المعنى بصراحة.
وأمّا سبب تسمية هذا اليوم بيوم الدين ، فلأنّ يوم القيامة يوم الجزاء ، و «الدين» في اللغة : «الجزاء» ، والجزاء أبرز مظاهر القيامة ، ففي ذلك اليوم تُكشف السرائر ويُحاسب الناس عمّا فعلوه بدقة ، ويرى كل فرد جزاء ما عمله صالحاً أم طالحاً.
وفي تفسير مجمع البيان عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام : «ملك يوم الدّين يعني يوم الحساب». و «الدين» استناداً إلى هذه الرواية يعني (الحساب).
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥)
الإنسان بين يدي الله : في هذه الآية يستشعر الإنسان ـ بعد رسوخ أساس العقيدة ومعرفة الله في نفسه ـ حضوره بين يدي الله ... يخاطبه ويناجيه ، يتحدث إليه أوّلاً عن تعبده ، ثم يستمد العون منه وحده دون سواه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
فالآيات السابقة تحدثت عن توحيد الذات والصفات ، وهذه الآية تتحدّث عن توحيد العبادة وتوحيد الأفعال.
فتوحيد العبادة : يعني الإعتراف بأنّ الله سبحانه هو وحده اللائق بالعبادة والطاعة والخضوع ، وبالتشريع دون سواه ، كما يعني تجنب أيّ نوع من العبودية والتسليم لغير ذاته المقدسة.
وتوحيد الأفعال : هو الإيمان بأنّ الله هو المؤثّر الحقيقي في العالم (لا مؤثّر في الوجود إلّا الله). وهذا لا يعني إنكار عالم الأسباب ، وتجاهل المسببات ، بل يعني الإيمان بأنّ تأثير الأسباب ، إنّما كان بأمر الله.
وثمرة هذا الاعتقاد أنّ الإنسان يصبح معتمداً على «الله» دون سواه ، ويرى أنّ الله هو القادر العظيم فقط ، ويرى ما سواه شبحاً لا حول له ولا قوّة ، وهو وحده سبحانه اللائق بالإتكال والاعتماد عليه في كل الامور. وهذا التفكير يحرر الإنسان من الإنشداد إلى أيّ موجود من الموجودات ، ويربطه بالله وحده.
إنّ كلمة «نعبد» و «نستعين» بصيغة الجمع تشير إلى أنّ العبادة ـ خاصة الصّلاة ـ تقوم