(وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلثَةَ قُرُوءٍ).
وبما أنّ الطلاق يشترط فيه أن تكون المرأة في حالة الطهر الذي لم يجامعها زوجها فيه فيُحسب ذلك الطّهر مرة واحدة ، وبعد أن ترى المرأة دم الحيض مرة وتطهر منه حينئذ تتم عدّتها بمجرد أن ينتهي الطّهر الثالث وتشرع ولو للحظة في العادة ، فيجوز لها حينئذ الزواج.
الحكم الثاني المستفاد من هذه الآية هو قوله تعالى : (وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ).
الإسلام قرّر أن تكون المرأة بنفسها هي المرجع في معرفة بداية العدّة ونهايتها حيث إنّ المرأة نفسها أعلم بذلك من الآخرين.
الحكم الثالث المستفاد من الآية هو أنّ للزوج حق الرجوع إلى زوجته في عدّة الطلاق الرجعي ، فتقول الآية : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ فِى ذلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلحًا). وبهذا يستطيع الزوج استئناف علاقته الزوجية بدون تشريفات خاصة إذا كانت المرأة في عدّة الطلاق الرجعي ، فإذا قصد الرجوع يتحصل بمجرد كلمة أو عمل يصدر منه بهذا القصد.
ثم تبين الآية حكماً رابعاً وتقول : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). وعلى هذا كما أنّ للرجال حقوقاً على النساء ، فكذلك للنساء حقوق على الرجال أيضاً ، فيجب عليهم مراعاتها ، لأنّ الإسلام اهتمّ بالحقوق بصورة متعادلة ومتقابلة.
وكلمة «بالمعروف» التي تأتي بمعنى الأعمال الحسنة المعقولة والمنطقية تكررت في هذه السلسلة من الآيات اثنا عشر مرّة (من الآية مورد البحث إلى الآية ٢٤١) كيما تحذّر النساء والرجال من عاقبة سوء الاستفادة من حقوق الطّرف المقابل وعليهم إحترام هذه الحقوق والاستفادة منها في تحكيم العلاقة الزوجية وتحصيل رضا الله تعالى.
يوجد الاختلافات الكبيرة بين الجنسين على صعيد القوى الجسمية والروحية ، ولهذا السبب كانت إدارة الاسرة بعهدة الرجل ومقام المعاونة بعهدة المرأة ، وعلى أي حال فلا يكون هذا التفاوت مانعاً من تفوّق بعض النساء من الجهات المعنوية والعلمية والتقوائية على كثير من الرجال.
وأخيراً تقول الآية : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وهذا إشارة إلى أنّ الحكمة الإلهية والتدبير الرباني يستوجبان أن يكون لكل شخص في المجتمع وظائف وحقوق معينة من قبل قانون الخلقة ويتناسب مع قدراته وقابلياته الجسمية والروحية ، وبذلك فإنّ الحكمة الإلهية