لابد أن تكون بشكل لائق وبعيدة عن الإسراف والبخل ، ومناسبة لحال المُهدي والمُهدى إليه.
ولما كان لهذه الهديّة أثر كبير للقضاء على روح الإنتقام وفي الحيلولة دون إصابة المرأة بعُقد نفسية بسبب فسخ عقد الزواج ، فإنّ الآية تعتبر هذا العمل من باب الإحسان (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ). أي أن يكون ممزوجاً بروح الإحسان واللطف.
الملاحظة الاخرى في هذه الآية هي أنّ القرآن يعبّر عن الهدية التي يجب أن يعطيها الرجل للمرأة باسم (متاع) فالمتاع في اللغة هو كل ما يستمتع به المرء وينتفع به ، ويطلق غالباً على غير النقود ، لأنّ الأموال لا يمكن التمتع بها مباشرةً ، بل لابد أوّلاً من تبديلها إلى متاع ، ولهذا كان تعبير القرآن عن الهديّة بالمتاع.
ولهذا العمل أثر نفسي خاص ، فكثيراً ما يحدث أن تكون الهدية من المأكل أو الملبس ونظائرهما مهما كانت زهيدة الثمن أثر بالغ في نفوس المُهدى إليهم لا يبلغه أبداً أثر الهديّة النقدية ، لذلك نجد أنّ الروايات الواصلة إلينا عن أئمة الأطهار : تذكر هذه الهدايا بصورة مأكل أو ملبس أو أرض زراعية.
وتتحدث الآية التالية عن حالة الطلاق الذي لم يسبقه المضاجعة ولكن بعد تعيين المهر فتُبين أنّ الحكم في هذا اللون من الطلاق الذي يكون قبل المضاجعة وبعد تعيين المهر يوجب على الزوج دفع نصف المهر المعين (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ).
وهذا هو الحكم القانوني لهذه المسألة ، فيجب دفع نصف المهر إلى المرأة بدون أيّة نقيصة ولكن الآية تتناول الجوانب الأخلاقية والعاطفية وتقول : (إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النّكَاحِ).
أجل ، فإنّ الآية في الجملة التالية تقول : (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
جملة (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) تبين جانباً آخر من واجبات الزوج الإنسانية وهو أن يظهر الزوج التنازل والكرم فلا يسترجع شيئاً من المهر إن كان قد دفعه وإن لم يكن دفعه بعد فمن الأفضل دفعه كاملاً متنازلاً عن النصف الذي هو من حقه ، وذلك لأنّ المرأة التي تنفصل عن زوجها بعد العقد تواجه صدمة نفسية شديدة ولا شك أنّ تنازل الرجل عن