يعقوب وإله موسى ، قد ترى معصية عبادك فأرهم آية من أنفسهم حتى يعلموا أنّهم لا يستطيعون الفرار منك! فأماتهم الله جميعاً وأمات دوابهم وأتى عليهم ثمانية أيّام حتى انتفخت وأروحت أجسادهم.
قالوا : وأتى على ذلك مدّة حتى بليت أجسادهم وعريت عظامهم وتقطعت أوصالهم فمرّ عليهم حزقيل (١) وجعل يتفكر فيهم متعجباً منهم. فأوحى الله إليه : يا حزقيل تريد أن أريك آية وأريك كيف احيي الموتى؟ قال : نعم. فأحياهم الله تعالى.
التّفسير
هذه الآية تشير إشارة عابرة ولكنها معبّرة عن قصة أحد الأقوام السالفة التي انتشر بين أفرادها مرض خطير وموحش بحيث هرب الآلاف منهم من ذلك المكان فتقول الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ).
ثم إنّ الآية أشارت إلى عاقبتهم فقالت : (فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ) لتكون قصّة موتهم وحياتهم مرّة اخرى عبرة للآخرين.
ومن الواضح أنّ المراد من (مُوتُوا) هو أمر الله التكويني الحاكم على كل حيّ في عالم الوجود. أي إنّ الله تعالى أوجد أسباب هلاكهم فماتوا جميعاً في وقت قصير ، وهذه أشبه بالأمر الذي ورد في الآية (٨٢) من سورة يس : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
وجملة (ثُمَّ أَحْيَاهُمْ) إشارة إلى عودتهم إلى الحياة بعد موتهم إستجابة لدعاء (حزقيل النّبي عليهالسلام) كما ذكرنا في سبب نزول الآية ، ولمّا كانت عودتهم إلى الحياة مرّة اخرى من النعم الإلهية البينة (نعمة لهم ونعمة لبقية الناس للعبرة) ففي ختام الآية تقول : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَشْكُرُونَ). فليست نعمة الله وألطافه وعنايته تنحصر بهؤلاء ، بل لجميع الناس.
العالم الشيعي المعروف ب «الصدوق» استدلّ بهذه الآية على القول بالرجعة وقال : (إنّ من معتقداتنا الرجعة) أي رجوع طائفة من الناس الذين ماتوا في الأزمنة الغابرة إلى هذه الدنيا مرّة اخرى ، ويمكن كذلك أن تكون هذه الآية دليلاً على المعاد وإحياء الموتى يوم القيامة.
__________________
(١) قيل : إنّ حزقيل هو ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى (تفسير مجمع البيان).