الدليل ، فكان جوابه أنّ الدليل سيكون مجيء التابوت أو صندوق العهد إليهم : (وَقَالَ لَهُمُ نَبِيُّهُمْ إِنَّءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ).
إنّ التابوت هو الصندوق الذي وضعت فيه ام موسى ابنها موسى وألقته في اليم ، وبعد أن انتشل أتباع فرعون الصندوق من البحر وأتوا به إليه وأخرجوا موسى منه ، ظل الصندوق في بيت فرعون ثم وقع بأيدي بني إسرائيل ، فكانوا يحترمونه ويتبركون به.
موسى عليهالسلام وضع فيه الألواح المقدسة ـ التي تحمل على ظهرها أحكام الله ـ ودرعه وأشياء اخرى تخصّه وأودع كل ذلك في أواخر عمره لدى وصيه يوشع ابن نون.
وبهذا ازدادت أهمية هذا الصندوق عند بني إسرائيل ، فكانوا يحملونه معهم كلما نشبت حرب بينهم وبين الأعداء ، ليصعّد معنوياتهم.
ولكن بعد هبوط التزاماتهم الدينية وغلبة الأعداء عليهم سلب منهم الصندوق. واشموئيل ـ كما تذكر الآية ـ وعدهم بإعادة الصندوق باعتباره دليلاً على صدق قوله.
(فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَءَالُ مُوسَى وَءَالُ هرُونَ).
هذه الفقرة من الآية تبين أنّ الصندوق كما قلنا كان يحتوي على أشياء تضفي السكينة على بني إسرائيل وترفع معنوياتهم في الحوادث المختلفة.
(تَحْمِلُهُ الْمَلِكَةُ).
كيف جاء الملائكة بصندوق العهد؟ جاء في التاريخ أنّه عندما وقع صندوق العهد بيد عبدة الأصنام في فلسطين وأخذوه إلى حيث يعبدون فيه أصنامهم ، أصابتهم على أثر ذلك مصائب كثيرة ، فقال بعضهم : ما هذه المصائب إلّابسبب هذا الصندوق ، فعزموا على إبعاده عن مدينتهم وديارهم ، ولمّا لم يرض أحد بالقيام بالمهمة اضطّروا إلى ربط الصندوق ببقرتين وأطلقوهما في الصحراء ، واتفق هذا في الوقت الذي تمّ فيه نصب طالوت ملكاً على بني إسرائيل. وأمر الله الملائكة أن يسوقوا الحيوانين نحو مدينة اشموئيل. وعندما رأى بنو إسرائيل الصندوق بينهم ، اعتبروه إشارة من الله على اختيار طالوت ملكاً عليهم.
وعليه نسب حمل الصندوق إلى الملائكة ، لأنّهم هم الذين ساقوا البقرتين إلى بني إسرائيل.
ويستفاد مما تقدم أنّه بالرغم من ثبوت مسألة القيادة الإلهية لطالوت بالأدلة والمعاجز الإلهيّة ، فهناك بعض الأفراد لضعف إيمانهم لم يسلّموا إلى هذا الحق ، وقد ظهرت هذه الحقيقة