إبراهيم عليهالسلام ولإزالة هذا التوهم أوحى إليه السؤال : «أوَلم تؤمن؟» لكي يأتي جوابه موضحاً الأمر ، ومزيلاً كل التباس قديقع فيه البعض في تلك الحادثة ، لذلك أجاب إبراهيم عليهالسلام : (بَلَى وَلكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلبِى).
(قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا).
«صرهنّ» : من «الصَوْر» أي التقطيع ، أو الميل ، أو النداء ، ومعنى التقطيع أنسب. أربعة من الطير واذبحهنّ وقطّعهنّ واخلطهنّ.
لقد كان المقصود أن يشاهد إبراهيم عليهالسلام نموذجاً من البعث وعودة الأموات إلى الحياة بعد أن تلاشت أجسادها.
وبذلك قام إبراهيم بهذا العمل وعندما دعاهنّ تجمّعت أجزائهنّ المتناثرة وتركبت من جديد وعادت إلى الحياة ، وهذا الأمر أوضح لإبراهيم عليهالسلام أنّ المعاد يوم القيامة سيكون كذلك على شكل واسع وبمقياس كبير جداً.
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (٢٦١)
تعتبر مسألة الإنفاق إحدى أهمّ المسائل التي أكدّ عليها الإسلام والقرآن الكريم ، والآية أعلاه هي أوّل آية في مجموعة الآيات الكريمة من سورة البقرة التي تتحدث عن الإنفاق ، ولعل ذكرها بعد الآيات المتعلقة بالمعاد من جهة أنّ أحد الأسباب المهمة للنجاة في الآخرة هو الإنفاق في سبيل الله. تقول الآية الشريفة : (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ). فيكون المجموع المتحصّل من حبّة واحدة سبعمائة حبّة ، وتضيف الآية بأنّ ثواب هؤلاء لاينحصر بذلك : (وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ).
وذلك بإختلاف النيّات ومقدار الإخلاص في العمل وفي كيفيته وكميته. ولا عجب في هذا الثواب الجزيل لأنّ رحمة الله تعالى واسعة وقدرته شاملة وهو مطلع على كل شيء (وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
الإنفاق ومشكلة الفوارق الطبقية : بالتدقيق في آيات القرآن الكريم يتضح أنّ واحداً من الأهداف التي يسعى لها الإسلام هو إزالة هذه الفوارق غير العادلة الناشئة من الظلم