الاجتماعي بين الطبقتين الغنية والفقيرة ، ورفع مستوى معيشة الذين لا يستطيعون رفع حاجاتهم الحَيَوية ولا توفير حدّ أدنى من متطلباتهم اليومية دون مساعدة الآخرين. وللوصول إلى هذا الهدف وضع الإسلام برنامجاً واسعاً يتمثّل بتحريم الربا مطلقاً ، وبوجوب دفع الضرائب الإسلامية كالزكاة والخمس ، والحثّ على الإنفاق ، والقرض الحسن ، والمساعدات المالية المختلفة ، وأهمّ من هذا كله هو إحياء روح الأخوة الإنسانية في الناس.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٦٢)
الإنفاق المقبول : الآية السابقة بيّنت أهمية الإنفاق في سبيل الله بشكل عام ، ولكن هذه الآية بينت بعض شرائط هذا الإنفاق (ويستفاد ضمناً من عبارات هذه الآية أنّ الإنفاق هنا لا يختص بالإنفاق في الجهاد). تقول الآية : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا ... وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١).
يستفاد بوضوح من هذه الآية أنّ الإنفاق في سبيل الله لا يكون مقبولاً عند الله تعالى إذا تبعته المنة وما يوجب الأذى والألم للمعوزين والمحتاجين ، وعليه فإنّ من ينفق ماله في سبيل الله ولكنه يمنّ به على من ينفق عليه ، أو ينفقه بشكل يوجب الأذى للآخرين فإنّه يحبط ثوابه وأجره بعمله هذا.
بل لعل المنة التي يمنّ بها عليه ونظرة التحقير التي ينظر بها إليه ذات أضرار باهضة يفوق ثمنها ما أنفقه من مال.
(لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ). تُطمئن هذه الآية المنفقين أنّ أجرهم محفوظ عند الله لكي يواصلوا هذا الطريق بثقة ويقين ، فما كان عند الله باق ولا ينقص منه شيء ، بل أنّ عبارة (ربّهم) قد تشير إلى أنّ الله تعالى سيزيد في أجرهم وثوابهم.
في تفسير البرهان ، ذيل الآية مورد البحث ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من أسدى إلى مؤمن معروفاً ثم آذاه بالكلام أو منّ عليه فقد أبطل صدقته».
__________________
(١) «منّ» : بمعنى حجر الميزان المعروف ثم اطلقت على النعم المهمة التي يلاحظ فيها الجانب العملي «ومنن الله تعالى من هذا القبيل» وإن كان الملحوظ فيها الجانب اللفظي كانت قبيحة جدّاً وفي الآية أعلاه وردت بهذا المعنى الثاني.