(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرّبَوا).
هذه الآية تبين منطق المرابين فهم يقولون : ما الفرق بين التجارة والربا؟ ويقصدون أنّ كليهما يمثّلان معاملة تبادل بتراضي الطرفين واختيارهما.
يقول القرآن جواباً على ذلك : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرّبَوا) ولم يزد في ذلك شرحاً وتفصيلاً ، ربما لوضوح الإختلاف.
(فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مّن رَبّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ).
تقول الآية إنّ من بلغته نصيحة الله بتحريم الربا واتّعظ فله الأرباح التي أخذها من قبل «أي أنّ القانون ليس رجعياً» لأنّ القوانين الرجعية تولد الكثير من المشاكل والاضطرابات في حياة الناس ، ولذلك فإنّ القوانين تنفّذ عادةً من تاريخ سنّها.
وهذا لا يعني بالطبع أنّ للمرابين أن يتقاضوا أكثر من رؤوس أموالهم من المدينين بعد نزول الآية ، بل المقصود إباحة ما جنوه من أرباح قبل نزول الآية.
ثم يقول : (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ). أي أنّ النظر إلى أعمال هؤلاء يوم القيامة يعود إلى الله ، وإن كان ظاهر الآية يدلّ على أنّ مستقبل هؤلاء من حيث معاقبتهم أو العفو عنهم غير واضح ، ولكن بالتوجّه إلى الآية السابقة نفهم أنّ القصد هو العفو ، ويظهر من هذا أنّ إثم الربا من الكبر بحيث إنّ حكم العفو عن الذين كانوا يتعاطونه قبل نزول الآية لا يذكر صراحة.
«وَمَنْ عَادَ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ». أي أنّ من يواصل تعاطي الربا على الرغم من كل تلك التحذيرات ، فعليه أن ينتظر عذاباً أليماً في النار دائماً.
إنّ العذاب الخالد لا يكون نصيب من آمن بالله ، لكن الآية تعد المصرّين على الربا بالخلود في النار ، ذلك لأنّهم بإصرارهم هذا يحاربون قوانين الله ، ويلجّون في ارتكاب الإثم ، وهذا دليل على عدم صحّة إيمانهم ، وبالتالي فهم يستحقون الخلود في النار.
ثم إنّ الآية التالية تبين الفرق بين الربا والصدقة وتقول : (يَمْحَقُ اللهُ الرّبَوا وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ).
ثم يضيف : (وَاللهُ لَايُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). يعني الذين تركوا ما في الصدقات من منافع طيبة والتمسوا طريق الربا الذي يوصلهم إلى نار جهنم.
«المحق» : النقصان التدريجي ؛ و «الربا» : هو النمو التدريجي.
فالقرآن يقول إنّ الله يسوق رؤوس الأموال الربوية إلى الفناء.