وبالمقابل ، فالأشخاص الذين يتقدمون إلى المجتمع بقلوب مليئة بالعواطف الإنسانية وينفقون من رؤوس أموالهم وثرواتهم يقضون بها حاجات المحتاجين من الناس يحظون بمحبة الناس وعواطفهم عموماً ، وأموال هؤلاء فضلاً عن عدم تعرضها لأي خطر تنمو بالتعاون العام نموّاً طبيعياً ، وهذا ما يعنيه القرآن بقوله : (وَيُربِى الصَّدَقَاتِ).
«الكفار» : من الكفور ، بوزن فجور ، وهو المغرق في نكران الجميل والكفر بالنعمة ، و «الأثيم» : هو الموغل في ارتكاب الآثام.
هذه الفقرة من الآية تشير إلى أنّ المرابين بتركهم الإنفاق والإقراض والبذل في سبيل رفع الحاجات العامة يكفرون بما أغدق الله عليهم من النِعم ، بل أكثر من ذلك يسخّرون هذه النِعم على طريق الإثم والظلم والفساد ، ومن الطبيعي أنّ الله لا يحب أمثال هؤلاء.
(إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَءَاتَوُا الزَّكَوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ).
مقابل المرابين الآثمين الكافرين بأنعم الله ، هناك اناس من المؤمنين تركوا حبّ الذات ، وأحيوا عواطفهم الفطرية ، وارتبطوا بالله بإقامة الصلاة ، وأسرعوا لمعونة المحتاجين بدفع الزكاة ، وبذلك يحولون دون تراكم الثروة وظهور الاختلاف الطبقي المؤدّي إلى الكثير من الجرائم. هؤلاء ثوابهم محفوظ عند الله ويرون نتائج أعمالهم في الدنيا والآخرة.
ثم إنّ هؤلاء لا يعرفون القلق والحزن ، ولا يهدّدهم الخطر الذي يتوجّه إلى المرابين من قبل ضحاياهم في المجتمع.
وأخيراً فإنّهم يعيشون في اطمئنان تام (وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (٢٨١)