(لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (٢٨٦)
كما تقدم في تفسير الآية السابقة أنّ هاتين الآيتين تتعلقان بالأشخاص الذين استوحشوا من تعبير الآية السابقة في أنّ الله تعالى مطلع على نياتهم وسيحاسبهم ويجازيهم عليها فقالوا : لا أحد منا يصفو قلبه عن الوسوسة والخاطرات القلبية. فالآية الحاضرة تقول : (لَايُكَلّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
إنّ كل الأحكام يمكن تقييدها وتفسيرها بهذه الآية حيث تتحدّد في إطار قدرة الإنسان.
ثم تضيف الآية : (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).
فالآية تنبّه الناس إلى مسؤولياتهم وعواقب أعمالهم ، وتفنّد الأساطير التي تبريء بعض الناس من عواقب أعمالهم ، أو تجعلهم مسؤولين عن أعمال الآخرين دون دليل.
(رَبَّنَا لَاتُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
لما كان المؤمنون يعرفون أنّ مصيرهم يتحدّد بما كسبت أيديهم من أعمال صالحة أو سيئة بموجب قانون «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» لذلك يتضرعون ويخاطبون الله بلفظ «الرب» الذي يوحي بمعاني اللطف في النشأة والتربية قائلين : إذا كنا قد أذنبنا بسبب النسيان أو الخطأ ، فاغفر لنا ذنوبنا برحمتك الواسعة وجنّبنا العقاب.
وعليه فإنّ النسيان الناشيء عن التساهل يوجب العقاب.
فالخطأ يقال عادة في الامور التي تقع لغفلة من الإنسان وعدم إنتباه منه ، أمّا النسيان فهو أن يتّجه الإنسان للقيام بعمل ما ولكنه ينسى كيف يقوم بذلك.
(رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا). «الإصر» : عقد الشيء