يستحيل التغلّب عليه ، وكلما أطلقت كلمة (عزيز) على الله تعالى يراد بها هذا المعنى ، أي أنّه لا أحد يقدر على التغلّب عليه ، وأنّ كل المخلوقات خاضعة لمشيئته وإرادته.
(إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦)
علم الله وقدرته المطلقة : هاتان الآيتان تكمّلان الآيات السابقة. في البداية تقول الآية الشريفة : (إِنَّ اللهَ لَايَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى السَّمَاءِ).
فكيف يمكن أن يختفي عن أنظاره شيء من الأشياء في حين أنّه حاضر وناظر في كل مكان ، فلا يخلو منه مكان؟! وبما أنّ وجوده غيرمحدود ، فلا يخلو منه مكان معين ، ولهذا فهو أقرب إلينا من كل شيء حتى من أنفسنا ، وفي نفس الوقت الذي يتنزّه فيه الله تعالى عن المكان والمحل ، فإنّه محيط بكلّ شيء.
ثم تبين الآية التالية واحدة من علم وقدرة الله تعالى الرائعة ، بل هي إحدى روائع عالم الخلقة ومظهر بارز لعلم الله وقدرته المطلقة حيث تقول الآية : (هُوَ الَّذِى يُصَوّرُكُمْ فِى الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ). ثم تضيف : (لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
إنّه لأمر عجيب ومحيّر حقّاً أن يصوّر الله الإنسان وهو في رحم امّه صوراً جميلة ومتنوعة في أشكالها ومواهبها وصفاتها وغرائزها.
وهذه الآية تؤكد أنّ المعبود الحقيقي ليس سوى الله القادر الحكيم الذي يستحق العبادة ، فلماذا إذن يختارون مخلوقات كالمسيح عليهالسلام ويعبدونها؟!
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (٧)
سبب النّزول
جاء في تفسير نور الثقلين نقلاً عن كتاب «معاني الأخبار» حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام ما مضمونه : أنّ نفراً من اليهود ومعهم «حيي بن أخطب» وأخوه ، جاءوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله