في هذه الآية إشارة إلى جميع الأنبياء من اولي العزم ، فبعد نوح الذي صرّح بإسمه ، يأتي آل إبراهيم الذين يضمّون نوحاً نفسه وموسى وعيسى ونبي الأكرم.
(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (٣٦)
تعقيباً على ما جاء في الآية السابقة من إشارة إلى آل عمران ، تشرع هاتان الآيتان بالكلام على مريم بنت عمران وكيفية ولادتها وتربيتها وما جرى لهذه السيدة العظيمة.
ورد في الأحاديث أنّ الله قد أوحى إلى «عمران» أنّه سيهبه ولداً مباركاً يشفي المرضى الميؤوس من شفائهم ، ويحيي الموتى بإذن الله ، وسوف يرسله نبيّاً إلى بني إسرائيل ، فأخبر عمران زوجته «حنة» بذلك ، لذلك عندما حملت ظنّت أنّ ما تحمله في بطنها هو الابن الموعود ، دون أن تعلم أنّ ما في بطنها ام الابن الموعود «مريم» فنذرت ما في بطنها للخدمة في بيت الله «بيت المقدس» ولكنها إذ رأتها انثى إرتبكت ولم تدر ما تعمل إذ إنّ الخدمة في بيت الله كانت مقصورة على الذكور ولم يسبق أن خدمت فيه انثى.
والآن نباشر بالتفسير من خلاله نتعرف على تتمة الأحداث :
(إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا). هذه إشارة إلى النذر الذي نذرته امرأة عمران وهي حامل بأنّها تهب ابنها خادماً في بيت المقدس ، لأنّها كانت تظنّه ذكراً بموجب البشارة التي أتاها بها زوجها ولذلك قالت «محرّراً» ولم تقل «محرّرة» ودعت الله أن يتقبل نذرها : (فَتَقَبَّلْ مِنّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبّ إِنّى وَضَعْتُهَا أُنثَى).
هذه الآية تشرح حال ام مريم بعد ولادتها ، فقد أزعجها أن تلد انثى ، وراحت تخاطب الله قائلة : إنّها انثى وأنت تعلم أنّ الذكر ليس كالانثى في تحقيق النذر ، فالانثى لا تستطيع أن تؤدّي واجبها في الخدمة كما يفعل الذكر فالبنت بعد البلوغ لها عادة شهرية ولا يمكنها