والأبواب كي لا تُفتح ، والختم اليوم مستعمل في الإستيثاق من الشّيء والمنع منه كختم سندات الأملاك والرسائل السرّية الهامة. و «طبع» بمعنى ختم أيضاً.
أمّا «ران» فمن «الرين» وهو صدأ يعلو الشيء الجليّ ، واستعمل القرآن هذه الكلمة في حديثه عن قلوب الغارقين في أوحال الفساد والرّذيلة : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
المهم أنّ الإنسان ينبغي أن يكون حذراً لدى صدور الذنب منه ، فيسارع إلى غسله بماء التوبة والعمل الصالح ، كي لا يتحول إلى صفة ثابتة مختوم عليها في القلب.
٣ ـ المقصود من «القلب» في القرآن : لماذا نسب إدراك الحقائق في القرآن إلى القلب ، بينما القلب ليس بمركز للإدراك بل مضخة لدفع الدم إلى البدن؟
أنّ القلب في القرآن له معان متعددة منها :
١ ـ بمعنى العقل والإدراك كقوله تعالى : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) (٢).
٢ ـ بمعنى الروح والنفس كقوله سبحانه : (وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) (٣).
٣ ـ بمعنى مركز العواطف كقوله : (سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) (٤).
لمزيد من التوضيح نقول : في وجود الإنسان مركزان قويان هما :
أ) مركز الإدراك ، ويتكون من الدماغ وجهاز الأعصاب.
ب) مركز العواطف ، وهو عبارة عن هذا القلب الصنوبري الواقع في الجانب الأيسر من الصدر ، والمسائل العاطفية تؤثر أوّل ما تؤثر على هذا المركز.
حينما نواجه مصيبة فإنّنا نحسّ بثقلها على هذا القلب الصنوبري ، وحينما يغمرنا الفرح فإنّنا نحسّ بالسرور والإنشراح في هذا المركز (لاحظ بدقّة).
صحيح أنّ المركز الأصلى للإدراك والعواطف هو الروح والنفس الإنسانية ، لكن المظاهر
__________________
(١) سورة المطفّفين / ١٤.
(٢) سورة ق / ٣٧.
(٣) سورة الأحزاب / ١٠.
(٤) سورة الأنفال / ١٢.