يحسب بعض المسلمين أنّ في مقدورهم أن يكسبوا حبّ الأعداء والأجانب إذا أعطوهم حبهم وودهم ، وهو خطأ فظيع ، وتصور باطل ، يقول سبحانه : (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلّهِ).
إنّه سبحانه يخاطب هذا الفريق من المسلمين ويقول لهم : إنّكم تحبّون من يفارقكم في الدين لما بينكم من الصداقة أو القرابة أو الجوار ، وتظهرون لهم المودّة والمحبّة ، والحال أنّهم لا يحبّونكم أبداً ، وتؤمنون بكتبهم وكتابكم المنزل من السماء ـ على السواء ـ في حين أنّهم لا يؤمنون بكتابكم ولا يعترفون بأنّه منزل من السماء.
إنّ هذا الفريق من أهل الكتاب ينافقون ويخادعون (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ).
ولا شكّ أنّ هذا الغيظ لن يضر المسلمين في الواقع ، إذن فقل لهم يا رسول الله : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ). واستمروا على هذا الحنق فإنّه لن يفارقكم حتى تموتوا.
هذه هي حقيقة الكفّار التي غفلتم عنها ولم يغفل عنها سبحانه : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
ثم إنّ الله يذكر علامة اخرى من علائم العداوة الكامنة في صدور الكفّار إذ يقول : (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا).
ولكن هل تضر هذه العداوة وما يلحقها من ممارسات ومحاولات شريرة بالمسلمين؟
هذا ما يجيب عنه ذيل الآية الحاضرة حيث يقول سبحانه : (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٢٢)
من هنا تبدأ الآيات التي نزلت حول واحدة من أهم الأحداث الإسلامية ألا وهي معركة احد. في البدء تشير الآية الاولى إلى خروج النبي صلىاللهعليهوآله من المدينة لاختيار المحل الذي يعسكر فيه عند «احد» وتقول : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ). أي