واذكر عندما خرجت غدوة من المدينة تهيىء للمؤمنين مواطن للقتال لغزوة احد.
ثم إنّ الآية الثانية تشير إلى زاوية اخرى من هذا الحدث إذ تقول : (وَإِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
والطائفتان كما يذكر المؤرخون هما بنو سلمة من الأوس وبنو حارثة من الخزرج.
فقد صممت هاتان الطائفتان على التساهل في أمر هذه المعركة والرجوع إلى المدينة ، وهمتا بذلك.
وقد كان سبب هذا الموقف المتخاذل هو أنّهما كانتا ممن يؤيد فكرة البقاء في المدينة ومقاتلة الأعداء داخلها بدل الخروج منها والقتال خارجها ، وقد خالف النّبي هذا الرأي ، مضافاً إلى أنّ عبدالله بن أبي سلول الذي التحق بالمسلمين على رأس ثلاثمائة من اليهود عاد هو وجماعته إلى المدينة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله عارض بقاءهم في عسكر المسلمين ، وقد تسبب هذا في أن تتراجع الطائفتان المذكورتان عن الخروج مع النبي وتعزما على العودة إلى المدينة من منتصف الطريق.
ولكن يستفاد من ذيل الآية أنّ هاتين الطائفتين عدلتا عن هذا القرار ، واستمرتا في التعاون مع بقية المسلمين ، ولهذا قال سبحانه : (وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). يعني أنّ الله ناصرهما فليس لهما أن تفشلا إذا كانتا تتوكلان على الله بالإضافة إلى تأييده سبحانه للمؤمنين.
غزوة احد : يستفاد من الروايات والنصوص التاريخية الإسلامية ، أنّ قريشاً لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر ، لأنّه قُتل منهم سبعون واسر سبعون ، قال أبو سفيان : يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم فإنّ الدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والعداوة لمحمّد. وأخذ أبو سفيان على نفسه العهد على أن لا يقرب فراش زوجته ما لم ينتقم لقتلى بدر.
وفي السنة الثالثة للهجرة عزمت قريش على غزو النبي وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل ، مجهزين بكل ما يحتاجه القتال الحاسم ، وأخرجوا معهم النساء والأطفال والأصنام ، ليثبتوا في ساحات القتال.
العباس يرفع تقريراً إلى النبي : لم يكن العباس عمّ النبي قد أسلم إلى تلك الساعة ، بل