كان باقياً على دين قريش ، ولكنه كان يحب ابن أخيه غاية الحب ، ولهذا فإنّه عندما عرف بتعبئة قريش وعزمهم الأكيد على غزو المدينة ومقاتلة النبي ، بادر إلى إخبار النبي ، محمّلاً غفارياً (من بني غفار) رسالة عاجلة يذكر فيها الموقف في مكة وعزم قريش ، وكان الغفاري يسرع نحو المدينة ، حتى أبلغ النبي رسالة عمه العباس ، ولما عرف صلىاللهعليهوآله بالخبر إلتقى سعد بن أبي وأخبره بما ذكره له عمه ، وطلب منه أن يكتم ذلك بعض الوقت.
النّبي يشاور المسلمين : عمد النبي ـ بعد أن بلغته رسالة عمه العباس ـ إلى بعث رجلين من المسلمين إلى طرق مكة والمدينة للتجسس على قريش ، وتحصيل المعلومات الممكنة عن تحركاتها.
ولم يمض وقت طويل حتى عاد الرجلان وأخبرا النبي بما حصلا عليه حول قوات قريش وأنّ هذه القوات الكبيرة يقودها أبو سفيان.
وبعد أيّام استدعى النّبي صلىاللهعليهوآله جميع أصحابه وأهل المدينة لدراسة الموقف ، وما يمكن أو يجب إتخاذه للدفاع ، وبحث معهم في أمر البقاء في المدينة ومحاربة الأعداء الغزاة في داخلها ، أو الخروج منها ومقاتلتهم خارجها ، فاقترح جماعة قائلين : «لا نخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح ، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودروبنا وما خرجنا إلى عدو لنا قط إلّاكان الظفر لهم علينا». وكان هذا هو ما قاله عبد الله بن أبي.
وقد كان النبي صلىاللهعليهوآله يميل إلى هذا الرأي نظراً لوضع المدينة يومذاك ، فقد كان صلىاللهعليهوآله يرغب في البقاء في المدينة ومقاتلة العدو في داخلها ، إلّاأنّ فريقاً من الشباب الأحداث الذين رغبوا في الشهادة وأحبّوا لقاء العدو ، خالفوا هذا الرأي. فوافقهم النبي صلىاللهعليهوآله ـ رغم أنّه كان يميل إلى البقاء في المدينة ـ احتراماً لمشورتهم ، ثم خرج مع أحد أصحابه ليرتب مواضع استقرار المقاتلين المسلمين خارج المدينة وإختار الشعب من جبل احد لإستقرار الجيش الإسلامي باعتباره أفضل مكان من الناحية العسكرية والدفاعية.
لقد استشار النبي أصحابه في هذه المسألة يوم الجمعة ، ولذلك فإنّه بعد انتهاء المشاورة قام يخطب لصلاة الجمعة وقال بعد حمد الله والثناء عليه :
«انظروا ما أمرتكم به فاتبعوه ، امضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم».