ثم تولى صلىاللهعليهوآله بنفسه قيادة المقاتلين وكان يستعرض جيشه طوال الطريق ، ويرتب صفوفهم.
يقول المؤرخ المعروف الحلبي في سيرته : وسار إلى أن وصل «رأس الثنية» وعندها وجد كتيبة كبيرة فقال صلىاللهعليهوآله : «ما هذا؟» قالوا : هؤلاء خلفاء عبد الله بن أبي اليهودي فقال صلىاللهعليهوآله : «أسلموا؟» فقيل : لا. فقال صلىاللهعليهوآله : «إنّا لا ننتصر بأهل الكفر على أهل الشرك». فردهم ، ورجع عبد الله بن ابي اليهودي ومن معه من أهل النفاق وهم ثلاثمائة رجل.
والنبي صلىاللهعليهوآله بعد أن أجرى التصفية اللازمة في صفوف جيشه واستغنى عن بعض أهل الريب والشك والنفاق استقر عند الشعب من «احد» في عدوة الوادي إلى الجبل وجعل «احداً» خلف ظهره واستقبل المدينة.
وبعد أن صلّى بالمسلمين الصبح صف صفوفهم وتعبأ للقتال.
فأمّر على الرماة «عبد الله بن جبير» والرماة خمسون رجلاً جعلهم صلىاللهعليهوآله على الجبل خلف المسلمين وأوعز إليهم قائلاً :
«إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا وألزموا مراكزكم».
ومن جانب آخر ، وضع أبو سفيان «خالد بن الوليد» في مأتي فارس كميناً يتحينون الفرصة للتسلل من ذلك الشعب ومباغتة المسلمين من ورائهم وقالوا : «إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا وراءهم».
ثم اصطف الجيشان للحرب ، ها هي تكبيرات المسلمين ونداءات «الله أكبر ، الله أكبر» تدوي في جنبات ذلك المكان ، وتملأ شعاب «احد» وسهولها ، بينما تحرض هند والنسوة اللاتي معها من نساء قريش وبناتها الرجال ويضربن بالدفوف ويقرأن الأشعار المثيرة.
وبدأ القتال وحمل المسلمون على المشركين حملة شديدة هزمتهم شر هزيمة ، وألجأتهم إلى الفرار وراح المسلمون يتعقبونهم ويلاحقون فلولهم.
هذه الهزيمة النكراء التي لحقت بالمشركين دفعت ببعض المسلمين الجديدي العهد بالإسلام إلى التفكر في جمع الغنائم والانصراف عن الحرب ، بظن أنّ المشركين هزموا هزيمة كاملة ، حتى أنّ بعض الرماة تركوا مواقعهم في الجبل متجاهلين تذكير قائدهم «عبدالله بن