جبير» إيّاهم بما أوصاهم به النبي صلىاللهعليهوآله ولم يبق معه إلّاقليل ظلوا يحافظون على تلك الثغرة الخطرة في الجبل محافظة على المسلمين.
فتنبه «خالد بن الوليد» إلى قلة الرماة في ذلك المكان ، فحملوا على الرماة وقتلوهم بأجمعهم ، ثم هجموا على المسلمين من خلفهم.
وفجأة وجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم العدو بسيوفهم. في هذه الكرة «حمزة» سيد الشهداء وطائفة من أصحاب النبي الشجعان ، وفر بعضهم خوفاً ، ولم يبق حول النبي سوى نفر قليل جداً يدافعون عنه ويردون عنه عادية الأعداء ، وكان أكثرهم دفاعاً عن النبي صلىاللهعليهوآله ورداً لهجمات العدو ، وفداء بنفسه هو الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي كان يذب عن النبي الطاهر ببسالة منقطعة النظير ، حتى أنّه تكسر سيفه فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله سيفه المسمى بذي الفقار ، ثم تترس النبي بمكان ، وبقي علي عليهالسلام يدفع عنه فلم يزل عليّ عليهالسلام يقاتلهم حتى أصابه في رأسه ووجهه ، ويديه وبطنه ورجليه سبعون جراحة. فقال جبرائيل : «إنّ هذه لهي المواساة يا محمّد». فقال محمّد : «إنّه منّي وأنا منه». فقال جبرائيل : «وأنا منكما».
قال الإمام الصادق عليهالسلام : «نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جبرائيل بين السماء والأرض على كرسي من ذهب ، وهو يقول : لا سيف إلّا ذوالفقار ولا فتى إلّاعليّ».
وفي هذه اللحظة صاح صائح : قتل محمّد.
يذهب بعض المؤرخين إلى أنّ «ابن قمئة» الذي قتل الجندي الإسلامي البطل «مصعب بن عمير» وهو يظن أنّه النبي ، هو الذي صاح «واللات والعزى : لقد قتل محمّد».
وهذه الشائعة كانت في صالح الإسلام والمسلمين لأنّها جعلت العدو يترك ساحة القتال ويتجه إلى مكة بظنّه أنّ النبي قد قتل وانتهى الأمر ، ولولا ذلك لكان جيش قريش الفاتح الغالب لا يترك المسلمين حتى يقتلوا رسول الله لأنّهم لم يجيئوا إلى «احد» إلّالهذه الغاية.
إلّا أنّ شائعة مقتل النبي أوجدت زلزالاً كبيراً في نفوس بعض المسلمين ، ولذلك فر هؤلاء من ساحة المعركة.
وأمّا من بقي من المسلمين في الساحة فقد عمدوا ـ بهدف الحفاظ على البقية من التفرق وإزالة الخوف والرعب عنهم ـ إلى أخذ النبي صلىاللهعليهوآله إلى الشعب من «احد» ليطلع المسلمون على وجوده الشريف ويطمئنّوا إلى حياته ، وهكذا كان ، فإنّهم لما عرفوا رسول الله صلىاللهعليهوآله عاد الفارون وآب المنهزمون واجتمعوا حول الرسول ولامهم النبي صلىاللهعليهوآله على فرارهم في تلك