الساعة الخطيرة ، فقالوا : يا رسول الله أتانا الخبر بأنّك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين. وهكذا لحقت بالمسلمين ـ في معركة أحد ـ خسائر كبيرة في الأموال والنفوس ، فقد قتل منهم في هذه الموقعة اثنان وسبعون من المسلمين في ميدان القتال ، كما جرح جماعة كبيرة ، ولكنهم أخذوا من هذه الهزيمة والنكسة درساً كبيراً ضمن انتصاراتهم في المعارك القادمة.
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ) (١٢٧)
فقد بدأت هذه الآيات بتذكير المسلمين بما تحقق لهم من نصر ساحق بتأييد الله لهم في «بدر» (١) إذ قال سبحانه : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ).
وقد كان الهدف من هذا التذكير هو شد عزائم المسلمين وزرع الثقة في نفوسهم والإطمئنان إلى قدراتهم ، والأمل بالمستقبل ، فقد نصرهم الله وهم على درجة كبيرة من الضعف ، وقلة العدد وضآلة العدة (حيث كان عددهم ٣١٣ مع إمكانيات بسيطة قليلة ، وكان عدد المشركين يفوق ألف مقاتل مع إمكانيات كبيرة).
فإذا كان الأمر كذلك فليتقوا الله وليجتنبوا مخالفة أوامر النبي صلىاللهعليهوآله ليكونوا بذلك قد أدوا شكر المواهب الإلهية : (فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
ثم تتعرض الآية اللاحقة لذكر بعض التفاصيل حول ما جرى في بدر ، إذ قالت : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلثَةِءَالفٍ مِّنَ الْمَلِكَةِ مُنْزَلِينَ). أي : اذكروا واذكر أيّها النبي يوم كنت تقول للمسلمين الضعفاء آنذاك اخرجوا وسيمدكم الله بالملائكة ألا
__________________
(١) «بدر» : سميت بدر لأنّ الماء كان لرجل من جهينة اسمه بدر (مجمع البحرين). وبدر من حيث اللغة يعني الممتلى الكامل. ولهذا سمي القمر إذا امتلأ : بدراً.